منذ بزوغ الفجر الإسلامي والمرأة لها دور لا يستهان به عبر العصور الإسلامية إلى يومنا هذا في بناء المجتمع ولا يمكن لأي عاقل أو مؤرخ أن يغفل دورها البارز أو عدم الإشارة إلى ذلك. كثيراً ما كنا نسمع المقولة المشهورة (المرأة نصف المجتمع) إن لم تكن كل المجتمع، فمن عصر أبونا آدم وأمنا حواء إلى أن جاء الإسلام ليعزز مكانة المرأة ويبينها التي هي نواة الأسرة ومن ثم المجتمع وانها لا تقل أهمية عن أخيها الرجل في العطاء والبناء والمشاركة الفاعلة دون الخروج عن قدراتها وما اختصه الله بها عز وجل, وقد ورد آيات قرآنية ونصوص من السنة ان لها وعليها حقوق وواجبات مثلها مثل أخيها الرجل. ونحن بنات الوطن نعيش هذه الأيام فرحة غامرة بصدور الأمر الملكي الكريم الذي ينص على مشاركة المرأة كعضو بمجلس الشورى بنسبة 20% لتشارك بذلك في النهضة التنموية والاجتماعية على مختلف الاصعدة التي تعيشها بلادنا, وبما وصلت إليه المرأة من تقدم علمي واجتماعي في عهد الملك الصالح حفظه الله الملك عبدالله بن عبدالعزيز, الكريم الذي اكرم بناته واخواته المعتزات بدينهن ووطنيتهن ولقد اثلج الصدور بهذا القرار الحكيم الذي ألجم به المتقولين على ديننا وعلى مكانة المرأة المسلمة وخاصة في المملكة العربية السعودية وما تعانيه من تهميش لمكانتها وأنها لا تحظى بأي شكل من الأشكال في الحصول على كامل حقوقها وهذا القرار يثبت للعالم أجمع ان المرأة في ديننا الإسلامي وتاريخنا الحضاري متواجدة في كل مناحي الحياة مع اخيها الرجل والدليل قوله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ}. نص قرآني صريح على دورها المهم في الحياة ليعي أولو الألباب. وقد أشارت بعض الآيات الكريمة إلى رجاحة عقل المرأة والأخذ برأيها والاستماع إلى مشورتها وليست بنات نبي الله شعيب عليه السلام عنا ببعيد، عندما أشرن على أبيهن في قوله تعالى: {يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ }، بقصة موسى عليه السلام، وهذا دليل على دور المرأة ومشاركتها بالمشورة لما أعطاها إياه الله عز وجل من ذكاء ورجاحة عقل وفراسة, ولا ننسى أم سلمة رضي الله عنها حينما استشارها النبي صلى الله عليه وسلم في قصة صلح الحديبية، وما عرف عن الكثير من أمهات المؤمنين والصحابيات رضي الله عنهن ونساء المسلمين على مر التاريخ الإسلامي. وفي المملكة العربية السعودية من بداية عصرها الأول وحتى هذا العصر الزاهر للمرأة دور كبير في المشاركة والبناء والأخذ بمشورتها ولعل المطلع على تاريخ الدولة السعودية يذكر وبكل اعتزاز دور الأميرة موضي الوطبان زوجة الإمام محمد بن سعود رحمهما الله، وكيف أنه لولا الله ثم مشورتها الثاقبة لزوجها ما قامت هذه الدولة على الكتاب والسنة ومحاربة البدع والجهل مع الشيخ محمد بن عبدالوهاب. وعندما أتى صقر الجزيرة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن لتوحيد المملكة العربية السعودية كان لا يقدم على أمر حتى يستشير شقيقته الأميرة نورة بنت عبدالرحمن الداعم الأول له بعد الله في جمع الشتات وتوحيد المملكة. وكان -رحمه الله- يستأنس برأيها ويطمئن له, وهذا يبين دور المرأة الكبير والهام والذي تمثله الأميرة نورة التي كان لها دور بارز في قيام دولة التوحيد. واليوم نرى ملكنا العادل -حفظه الله- يكرم بنات الوطن بهذا القرار الحكيم لمواصلة مسيرة البناء والعطاء بالضوابط الشرعية التي نص عليها القرار لخدمة الدين والوطن بكل أمانة وإخلاص اللائي هن أهل له وقضايا النساء المتعددة والتي تنتظر الحلول الجذرية لها ومنها قضايا العاطلات والمطلقات والأرامل والمعلقات وغيرها الكثير. قال تعالى: {وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} . - كاتبة وصحفية