تحقيق الإيمان بأركانه وأصوله نور يهتدي به الإنسان في حياته إذا خالطَ بشاشة القلب سَلِم من كل الآفات والشرور وابتعد عن ظلمات الشهوات وضلال الشبهات، قال جل ذكره: {وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} (11) سورة التغابن، وهذه هداية عامة ينالها العبد ثمرة إيمانه.. والإيمان هو الإذعان التام والانقياد الكامل والتصديق بكل ما أخبر الله به، وأخبر به رسوله صلى الله عليه وسلم، والعمل بمقتضى الأمر والنهي عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم. فمن حقق الإيمان بقلبه ولسانه وعمله، وأقبل على ربه وداوم على ذكره وشكره ذاقَ حلاوة الإيمان، وثبتَ أمام الشدائد، واطمأن قلبه عند المصائب ونال محبة الله، وعمل بتقواه، والمسلم الذي يتقي الله تعالى هو الذي ألقى الله عليه المهابة والحب معاً، والناس يقدرونه ويحبونه ويهابونه، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أعظم الناس مهابةً؛ لأنه أعظم الناس خشية لله وأعظمهم عبادة لربه. ) تقول زينب الثقفية زوج عبد الله بن مسعود كما في صحيح مسلم (1000) (وكان رسول الله قد ألقيت عليه المهابة) أي أعطى الله رسوله صلى الله عليه وسلم هيبة وعظمة يهابه الناس ويعظّمونه، وكان أصحابه رضي الله عنهم في مجلسه كأن على رؤسهم الطير، وذلك عزةً منه لا كبراً ولا ترفُّعاً.. وتلك العزة والرفعة والمهابة ألبسها الله إياه ولم تكن من تلقاءِ نفسه. ) للإيمان هيبة في النفوس؛ لأن المؤمن يهاب الذنوب فيتقيها ولا يقع فيها، والناس يهابون أهل الإيمان هيبة إجلال واحترام، ولهذا فإن العلماء العاملين المتبعين المحققين لأصول الإيمان الناس يهابونهم لأنهم يهابون الله تعالى ويخافونه، وهذا أمر مُشاهد ومعلوم يشعر به كل أحد إذا قابل العالِم العامل الراسخ في العلم. ) يقول عبيد بن عمير كما في الحلية لأبي نعيم (3-272): (الإيمان هَيُّوب) قال ابن الأثير في النهاية (5-285): أي: يُهاب أهله، فعول بمعنى مفعول.. فالناس يهابون أهل الإيمان، لأنهم يهابون الله تعالى ويخافونه.. وقيل: هو مفعول بمعنى فاعل: أي أن المؤمن يهاب الذنوب فيتقيها. يُقال: هابَ الشيء يهابه إذا خافه وإذا وقَّرَه وعظمه. ) فالهيبة الحقيقية لا تكون إلا لأهل الإيمان الذين يهابون الله تعالى، والهيبة ثمرة عظيمة من ثمرات الإيمان يهبها الله لمن يشاء من عباده. - وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية