كنا قد تحدثنا في الأسبوع الفائت عن مطالع القصائد النبطية، وذكرنا أنها تنقسم إلى نوعين، من حيث المباشرة، وغير المباشرة، ثم عرضنا إلى أشهر أنماط هذه المطالع، وانهينا حديثنا بالمطالع المسندة لراكب الراحلة، وفي هذا الأسبوع نكمل معكم من حيث انتهينا في الحلقة الفائتة: المطالع المستهلة بظرف الزمان في هذه المطالع يستهل الشاعر قصيدته ببيت يحتوي على ظرف للزمان، معبراً عما يختلجه من مشاعر معينة، ومن ظروف الزمان المستخدمة في هذه المطالع (أمس البارحة العصر الضحى العشاء الليل). ومن أمثلة الاستهلال بالظرف (أمس)، قول الشاعر فهد الجافور: أمس. هلَت عباري من محاجر عيوني خايفِ من محاتا الذمَ والنفس حيَة خايفِ من حكايا الناس ما يرحموني و الله المطَلع. علاَم. ما كان فيَه و من ذلك أيضاً، مطلع قصيدة مسعود مولى بن هذال، وفيه استخدم ظرفي الزمان (أمس، العصر). يقول: أمس العصر عدَيت في راس ملموم تلعب به الأرياح. شرقِ وشامي وفي استخدام ظرف الزمان (العشاء). يقول الشاعر إبراهيم بن جلق: زارني عقب العشا طيفٍ يقول انتبه يا شيت مثلك ما ينام أما استخدم ظرف الزمان (الضحى)، فمن أمثلته قول الشاعر ناصر العريني: أمس الضحى في عالي طويق ونَيت ونَ الحجر من ونَتي يوم ونَيت أما ظرف الزمان (البارحة)، وهو أكثر هذه المطالع شيوعاً، فمن أمثلته قول الشاعر مجيدع الربوض: البارحة عن لذَة النوم سهَار بايسر صرغ لاجاه وبل الشخاتير مطالع التوجد على الديار و فيها يستهل الشاعر قصيدته بالتوجد على الديار والمنازل، ومن نماذجها قول الشاعرة: هذي منازلهم على الحول دراس ليت الهبايب كان ما غيرتَها و من ذلك أيضاً مطلع قصيدة الشاعرة وضحى بنت عواد المصبح الجنفاوي. تقول: جيت المنازل خالية ما بها أوناس من عام الأول أرضها ما وطي به المطالع المسندة إلى صديق وهي مطالع القصائد التي يسندها الشاعر إلى صديق مقرب له، ومن أمثلتها، قول الشاعر بندر بن سرور: آه يا فيحان من بعد المسافة بين نجد وبين ريعان الحوَية المطالع الوجدانية وعادة يستخدم هذا النمط في مطالع القصائد العاطفية، وكثيراً ما تتكرر عبارة مثل: (يا مل قلبي، يا جر قلبي، يا مل عيني) إضافة إلى صيغ أخرى يصعب حصرها. ومن أمثلة هذه المطالع قول الشاعر: ألا يا ملَ قلب ما يطيع الهرج في خلَه على ماقال الأول ما يطاوع شور عذالَي المطالع المسندة على المنادى و هذا المنادى أما أن يكون: إنسان أو راحلة أو جماد، وذلك من باب الاستطراد في التخيَل والترويح عن النفس، ومن أمثلة هذه المطالع، قول أحد الشعراء يسند على منادى غير عاقل وهو الرجم، فيقول: يا رجم عديتك وعدَابي البين والقلب في رأسك تبيح كنينه ومن ذلك أيضاً قول إحدى الشاعرات تسند على فاطر لها في مطلع قصيدتها، تقول: يا فاطري يا ما جرى لك امن العنا مع دربك العيرات نشت لحومها وهناك مطالع تسند على المنادى، وتأتي بصيغ مثل: (يا هيه)، وهي كثيرة، ومن أمثلتها قول الشاعر: يا هيه ياللي لك من الفهم ترتيب و مجنب درب الخطأ وارتكابه ومثل ذلك مطلع قصيدة الشاعر سويلم العلي في وصف الهجن، يقول: ياهيه ياللي ترحلتوا على هجن سواة النعام مرملات ثمان سنين معها ما درَج سبها المطالع الرثائية منها مطالع ذات صيغة تقليدية، تبدأ غالباً بعبارات مثل: مرحوم ياللي، علم لفاني وغيرها من الصيغ المعروفة، ونماذجها كثير في الشعر الشعبي، وهناك مطالع جاءت بنمط مختلف، ومن أمثلتها مطلع رثائية الشيخ شالح بن هدلان في ابنه ذيب، يقول: يا ذيب أنا بوصيك لا تاكل الذيب كم ليلة عشاك عجب المجاعة بحسب اجتهادي كانت هذه أبرز أنواع وأنماط مطالع القصائد الشعبية، وعندما أقول أشهر، فلأني لم أسع إلى حصر هذه الأنماط، وإنما حاولت الوقوف على أشهرها وتسليط الضوء عليه، ولا شك أن موروثنا من الشعر الشعبي غني بالعديد من القصائد، التي تستحق أن نقف أمامها ونستخرج مكنوناتها الإبداعية والجمالية.