لم يأت التميز والنجاح الادبي الذي حققه ويحققه ربان المجلة العربية الماهر حمد القاضي من فراغ بل هو نتاج الفكر النير والتفكير المرن الذي يجعل صاحبه يتجاوب مع الجمال اينما وجده,, والذي يضع لحامله قبولا في كل الاوساط مهما تباينت وتشاحنت,, بعد ان يحمل صاحبه على الاحساس بالجمال مهما كان مصدره. ما دعاني لطرح هذه الحقيقة عن الاديب حمد القاضي هو مقاله الذي اشاد به في المواطن الابداعية التي استمتع بها واحس بصداها وأثرها في اعماق نفسه، وذلك عند قراءته لاحدى قصائد الشاعر المبدع علي المفضي,, والتي دعته كما تضمن مقاله ذلك الى ان يتمنى لو كان مبدع هذه القصيدة شاعر فصحى. فتوقف اديب كبير بمكانة حمد القاضي لتأمل الابداعات الفنية في قصيدة شعبية,, وهو في موقع الرأس بالنسبة للمهتمين بالفصحى لكونه رئيس كتبة المجلة العربية كما يحلو للشيخ ابو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري وصفه، ومن ثم اعلان ذلك التوقف بما صاحبه من متعة ولذة فنية على الملأ,, كل ذلك يجعلنا نعيد النظر مرات ومرات في قضايا الذوق وسعة الاطلاع، والفصحى والعامية والعلاقة بينهما. فالاديب حمد القاضي ببوحه عما احسه من لذة فنية عندما وجدها في قصيدة شعبية من شأنه ان يلفت وجهة انظار المختلفين حول قضية الفصحى والعامية الى مسألة الاحساس المرهف وضرورته لتفادي الكثير من الاختلافات. الاحساس الذي يتأثر بادنى الموجات الفنية اهترازا في فضاء الحياة الرحب,, فضلا عن الادب بكافة مشاربه وهو يشير من طرف خفي بذلك المقال الى ان الابداع جوهر,, لا يختفي تحت أي رداء,, مفعوله السحري لاينحسر ولا يتأثر بنوعية ردائه ولكنه في بعض الحالات يحتاج الى جهاز استقبال مؤهل,, اي يحتاج الى احساس مرهف تكون ضالته اللمحة الفنية الابداعية فأينما وجدها عض عليها بالنواجذ. فهل فحوى مقال الاستاذ حمد القاضي توحي بانه اذا وجد الاحساس المرهف فان الجليد القائم بين الفصحى والعامية سيذوب,. ومن ثم تختفي ملامح الخوف من التأثير العامي عند الفصحويين لتحل محلها علاقة التعايش والتأثر الايجابي. اخيرا: ما هذه الا دلالة واحدة استهوانا بريقها فاغترفنا اثم تقييدها مع العلم ان فحوى المقال تحتمل غيرها الكثير والكثير.