سعادة رئيس تحرير جريدة الجزيرة الاستاذ خالد حمد المالك المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: رداً على مقال الاخ خالد المنيف الأخير في العدد يوم السبت 27 رمضان 1421ه أقول وبالله استعين ومنه استمد: 1/ لقد نافح الاخ خالد في رده الأخير، وصال وجال، وذاد عن حياض حماه وأنكر ونفى ومحا وأثبت لكن الله عز وجل عنده أم الكتاب . وقام يذود الناس عنها بسيفه وقال: ألا، لا من سبيل إلى هند وبالطبع فانه لم يخرج عن الطبيعة البشرية، أنكر كلامي ومقته وعابه، وحق له ان يعزز موقفه بكل ما أوتي من أساليب الإقناع والإنكار، وكلنا نحن البشر نعيب الزمان ونتهمه بكل ما نرتكبه من الخطأ نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا ونهجو الدهر بغير ذنب ولو نطق الزمان لنا هجانا فدنيانا التصنّع والترائي ونحن به نخادع من يرانا وليس الذئب يأكل لحم ذئب ويأكل بعضنا بعضاً عيانا 2/ لقد بعلت بأمره والله وأعيتني الحيلة في عدم اقتناصي رغبته في الكتابة التي يريدها، ففي رده السابق، قبل هذا انتقد ردي عليه الثاني متذرعاً بأنه ليس ردا علمياً ولا موضوعياً، وفي هذا المقال في رده الأخير يقول: حشد حشوداً لا بأس بها من الألفاظ والمفردات فهي بحق قطعه ادبية رائعة ولكن عن المضمون لا تسأل وفقير معدم من البراهين والحقائق وقد تحول بنا الأخ الى علم المنطق والفلسفة، فلا أدري كيف اتوصل الى مذهبه في الكتابة العلمية أو الى مدرسته في الفلسفة وعلم المنطق لكني هذا مبلغي من العلم، وهذه طاقتي. لا يكلف الله نفساً فوق طاقتها ولا تجود يد إلا بما تجدُ وإلا فليقل لي كيف أعتذر؟ إذا محاسني اللاء أتيتُ بها عُدّت ذنوباً فقل لي كيف أعتذر؟ 3/ يدعي بأنني أجلبت عليه بنحيلي ورجلى,,, وأقول: يا سبحان الله وهذه الألفاظ التي حشدتها وأرجفت بها وأوجفت وأطلت فماذا تسميها؟ وصحيح أنه كما قيل: عرفناها بعيوب الناس تبصرها منهم ولاتبصر العيب الذي فيها ويا سبحان الله مرات ومرات: أراك تستكثر من خطأ غيرك ما تستقل أكثره من نفسك أم ترى ان ما تذكره لك حلال وعليّ حرام، فيا أخي ما أنا فحمة ولا أنت فرقد . 4/ استهل المذكور مقاله بأنني أو بأنه ثبت بدليل قاطع بأني اقدمت على سرقة ادبية في وضح النهار واستشهد بحليمة ويومها الذي طوته الآماد وأقول: إذا اصر على هذه السرقة التي لم يجد له متنفساً سواها، فانني أصر على أن هذا من محفوظاتي رغم أنه من بعض مقالات الزيارت، مع إقراري بأنني اخطأت سهواً في عدم الإشارة الى ذلك وهذا هو المنفذ الذي نفذ عليّ منه المنيف فعلق عليه شماعته ولم يجد ما ينقع غلته سوى التكرار، إذن فليسمّه بما شاء وكل له وجهته التي هو مولّيها. أما ما ادعاه أنني: بمحاولتي بذكاء بالغ صرف نظر القارئ، عن القضية الرئيسية فأقول: إنني انا أو انت مهما بلغنا من الرتبة في الذكاء، فانه يوجد في القراء من هو أذكى من كلينا، فالقارئ ليس بنحب ولا الخب يخدعه، مهما حاولت الابداء والاعادة في هذه العبارة التي كررتها عشرات المرات وهي: التدليس على القارئ، الخلط على القارئ، التضليل على القراء، التلبيس عليهم وكل هذا يعطي الدلالة القاطعة على ان هدفك استفزاز القراء واستنهاض هممهم، وقد اصبحت هذه العبارات ديدنك في كل مقالاتك وجعلتها عُكازا تتكئ عليه، فما هو هدفك من وراء هذا، ولو كنت أعجب من شيء لعجبت من محاولة تغطية الممعن في التضليل أيّنا، واعود مؤكداً بأن القراء او أكثرهم يستحيل تضليلهم حتى لو حاول أي منا، وحتى لو كنت انا واحدا من السحرة لاقدر الله وانت عصا موسى التي تلقف ما يأفكون. إذا جاء موسى والقى العصى فقد بطل السحر والساحر أما قوله: تناوشتني الحجج والأدلة من كل مكان واختلط عليّ الأمر حتى ما عدت أميز المرعى من المهمل، فأقول: انها حججك انت وأدلتك انت، والقاضي أيضاً أنت: فيا أيها القاضي الذي عمّ عدله فاضحى به في العالمين فريدا فان شئت ان تجلد فدونك منكباً صبوراً على ريب الزمان جليدا 5/ أما التزيدات التي ذكرتها وانكرها المنيف فهي في المقال الأول لمن يتتبعه بدقة عند العبارة التي ذكرها: (يقسم بالله يعنيني لا أعلم أحدا قاله قبلي ولا أظنه سيأتي من يدعيه) اتستطيع يا خالد تغطية هذا الافتراء عليّ، وهو موجود في مقالك الأول، وهدفك في هذا معروف. أما سؤاله المشوب سخرية رغم تنصله منها، فهو قوله: ولكن لم تجبني ماذا سيفعل أهل حائل بعدك؟ . أما اجابتي له فأقول: ما أسرع نسيانك، لأن الجواب من عندك أنسيت قولك عن أهل حائل: وما أعلمه ان منطقة حائل معين لا ينضب من الأدباء والمفكرين والخطباء فواحد من عشرات الخطباء يقوم مقامي، وانت بهذا السؤال ناقضت نفسك ان لم تكن ساخراً، وان كنت صادقاً فيما ذكرته عن خطبائهم,. 6/ وإنك ان أهديت لي عيب واحد جدير الي غيري بنقل عيوبي يقول الاستاذ: حاول الكاتب أن يُهدي الي عيوبي وان يرميني بعلله واستمات في ذلك حيث حاول تتبع الهفوات فعجز وأردف: وتعقب السقطات فأعيته الحيلة فما بقي له إلا أن يعد انفاسه . فلم كل هذا السرف والغلو في الكمال، وقد برأت نفسك من العلل والنقائص وخرجت كيوم ولدتك أمك، الكمال لله، وهذا هو التعالي الذي نزهت نفسك منه وكلمة استمات ألا ترى انها نوع من الهذيان في الغلوّ، أتعني أنها أي الروح قد بلغت مني التراقي؟ ولم الاستماتة ومقالك بين يدي وكذبتك عليّ التي ذكرتها في رقم 5 وقد أغفلت ذكرها رغم انك نفشت مقالي حرفاً حرفاً وكلمة كلمة، طبعا لأنها شاهد عليك ولا لك، وأنا لم أحذ حذوك في التدقيق والنبش لمقالك كما فعلت انت، لانني في وقت حرج لا يسمح لي ولا أسمح لنفسي باضاعته في غير طائل، وأظنك حانق وتتميز غيظا لحظة كتابتك لهذه الجمل بأنني أرميك بعللي فعللي فيّ أنا ولم ينلك منها شيء حرستك العافية، وإنما هو: سألتم فأعطينا وعدنا فعدتمو ومن يكثر التسآل يوما سيحرم فلا تحجر واسعاً وهوّن عليك كما قيل: فهوّن عليك فإن الأمور بكف الإله مقاديرها فليس يأتيك منهيُّها ولا قاصرٍ عنك مأمورها إذا ضيّقت أمراً ضاق جداً وإن هوّنت ما قد عزّ هانا فلا تهلك لما قد فات غمّاً فكم شيء تصعّب ثم لانا من الافراط في الغلو الذي نزه نفسه عنه يقول: وقد جاش صدر الكاتب غيظا فخرج عن طوره، قد فار قدره واستخفه الغضب,, فكلمة خرج عن طوره مأخذ كبير عليه ولم أتجرأ أن أطلقها عليه ولا غيره ولا حتى أقل منها فهي غير لائقة به أدبياً، ولم اصل الى ماوصل اليه من الاستخفاف والهبوط ولا أظنه يخرج أحد من طوره إلا واحد من اثنين: المعتوه الذي به مس من الجنون أو من به صرع فيغمى عليه، ترفق هداك الله، وقوله: يستخفه الغضب حسن ما فعل فلم يقل: حامل الهوى تعب يستخفه الطرب . ولأنني في مقام آخر قلت ياويلتاه عجزت عن أن أكون ثم توقفت واستغفرت ربي لما اتضح لي آخرها، لكنه اكملها وقال: مثل هذا فأنا لم أقصد التشبيه ولم أنح ما نحا إليه. أما ما قلته عن بعض نقاد هذا العصر، فحكم عليّ لأنني قصدته، فالله المطلع على السرائر، لكنه ساء ظنه وصدق ما اعتاده من توهم، وكل إنسان رهن بافعاله وظنونه,أما ان يبيّن انه رأى الحق مهضوما فعز عليه، فالحق لا يمكن ان يهزم ولا يمكن ان يزهقه الباطل، فهو يرى أنه حل اللغز الذي لا يُحل واكتشف مكنون إحدى القارات السبع وأتي بما لم تستطعه الأوائل وذكر انه يعرف لنفسه قدرها، فمن حقه ذلك وقد قيل: إذا أنت لم تعرف لنفسك قدرها هواناً بها كانت على الناس أهونا وقيل أيضاً: وأكرم نفسي انني أن اهنتها وربك لم تكرم على أحد بعدي وكل الناس كذلك ولست انت وحدك يا أخي أما قولك عن نص الآية: والذين يحبون ان يُحمدوا بما لم يفعلوا فهذه معروف أصحابها، وهل يتأتي لهم ذلك حتى لو أرادوه كما قيل: والمرءُ ليس بكامل في قوله حتى يزيّن قوله بفعال ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا ويأتيك بالاخبار من لم تزود فحمدك المرء ما لم تبله سرف وذمك المرء بعد الحمد تكذيب أما إن أصررت على حيازة قصب السبق وان تنعم بلذة الانتصار وتبدي وتعيد في كل ما قلت، فدونك وما تريد: سمّني بما شئت، وانعتني بما أردت، وصفني بكل ما أوتيته من أسلوب، وعلى رأي المثل والأمثال لا تغير، يقول: يالك قبرّة بمعمري خلا لك الجو فبيضي واصفري ونقّري ماشئت ان تنقري . وكل ما سقته لا أجد فيه ما يجتذبني الى نشوة الانتصار لأنني عاض بالنواجذ على هذه الحكمة يقول أحد الحكماء: من حسن الأدب ألا تغالب أحداً على كلامه، وإذا حدّث بحد يشد فلا تنازعه إياه، ولا تقتحم عليه فيه، ولا تريه أنك تعلمه، وإذا حدّثت صاحبك فأخذته حجتك فحسّن مخرج ذلك عليه، ولا تظهر الظفر به وتعلّم حسن الاستماع كما تتعلم حسن الكلام والذي أراه أحرى بناء واجدر وانفع واصفى للقلوب بدون مكابرة وعناد أو فتل عضلات ان نتفق على معنى ما في هذا البيت دون لفظه. دعي عدّ الذنوب إذا التقينا تعالي لا أعدّ ولا تعُدّي فأنا ادعو الاستاذ خالد لضيافتنا في حائل على الرحب والسعة ليعرف بعضنا عن الآخر أكثر مما جهله عنه في مناقشات وإن شاء الله مناظرات ودية أو ما يريد كمحاضرات يفيد ويستفيد منها الحاضرون, اسأل الله العون منه والعصمة عن الزلل وألا يكلنا الى انفسنا طرفة عين إذا لم يكن عونٌ من الله للفتى فأول ما يجني عليه اجتهاده