أكد خبير مصرفي أن زيادة حجم الاحتياطات المالية، من خلال تحويل الفوائض المالية أمر غاية في الأهمية؛ لرفع معدلات التحوط المستقبلية، خاصة وأن المملكة تعتمد اعتمادا كليا في تمويل موازناتها على إيرادات النفط غير المستقرة. وقال فضل البوعينين ل»الجزيرة»: الالتزام المالي يحتاج إلى توفير احتياطيات مالية قادرة على تعويض نقص الإيرادات لأي سبب كان، أو أية متغيرات مستقبلية؛ فلولا الله ثم الاحتياطات لما استطاعت المملكة تجاوز تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية خاصة بعد انهيار أسعار النفط بشكل حاد من 145 دولارا إلى 38 دولارا للبرميل، مضيفاً: أن الخطط التحوطية كفيلة بتحقيق الاستقرار ودعم قوة الدولة والمضي قدما في خطط التنمية. وأبان البوعينين أن تكديس الاحتياطيات المالية دون استثمارها الاستثمار الأمثل قد يؤثر سلبا في قيمتها مستقبلا، خاصة إذا ما احتسبت نسبة التضخم؛ وانخفاض قيمة الدولار الذي يشكل العملة الرئيسة لها. وقال: «أعتقد أن استثمار جزء مهم من الاحتياطيات في قطاعات الإنتاج؛ والاستثمارات المالية الآمنة وفق التوزيع الجغرافي والنوعي للاستثمارات؛ وبنسب تحقق أهداف الاستثمار الآمن والمربح؛ أمر ينبغي تحقيقه للمصلحة العامة. وأرجع الخبير المصرفي أسباب نجاح الدولة في بناء احتياطات تفوق في مجملها 2.2 تريليون ريال إلى ثلاثة أسباب: «بركة الله التي أنعم بها على هذه البلاد وأهلها؛ وارتفاع إيرادات النفط بما يفوق الحاجة؛ والإدارة المالية الحكيمة التي وضعت هدف التحوط المالي أمام ناظريها، وسعت في تنفيذه بحزم». وتابع: «الإدارة المالية الحكيمة نجحت في تعزيز الاحتياطيات المالية من جهة؛ وخفض الدين العام من جهة أخرى؛ فبعد أن كان الدين في حدود 660 مليار ريال ويمثل قرابة 70 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2003، انخفض بشكل حاد ليصل إلى 98.8 مليار ريال العام الحالي؛ أي ما يعادل 3.6 في المائة من الناتج الإجمالي؛ وهو أمر لافت، ومفرح. وقال: خفض الدين العام يعزز قدرة المملكة المالية والاقتصادية مستقبلا، ويدعم تصنيفها السيادي، ويسهم أيضا في خفض تكلفة الدين؛ ويعطيها قدرة أكبر على الاقتراض مستقبلا في حال تغير الظروف لا سمح الله؛ ويدعم موقف القطاع المصرفي الذي سيجد مساحة أكبر للتمويل؛ فمديونية الحكومة هي أموال محتجزة لدى من لا يحتاجها، على أساس توفر الاحتياطيات الضخمة؛ في الوقت الذي تعاني فيه بعض القطاعات من شح في التمويل، وأضاف: أعتقد أن الحكومة وفقت في اتخاذ قرار خفض الدين العام، وإن كنت أتمنى أن تنتهي منه بالكلية، وأن تركز في الديون السيادية على المشروعات الاستثمارية التي يمكن مساهمة المواطنين فيها، وتسهم في تحقيق التنمية المستدامة. وشدد البوعينين على أنه لا يجب رهن المستقبل المالي لإيرادات النفط «تعتمد المملكة في تمويل ميزانيتها على إيرادات النفط ومن غير المقبول رهن مستقبلها المالي لمتغيراته الحادة؛ فالأسعار قد تتهاوى في أيام معدودات؛ كما أن حجم الإنتاج قد ينخفض لأسباب مرتبطة بالطلب؛ أو القدرة الإنتاجية؛ أو نظام الحصص الذي تقره منظمة أوبك. أي انخفاض في إيرادات المملكة يعني انعكاسا مباشرا على الإنفاق الحكومي؛ ومن هنا تظهر أهمية الاحتياطيات المالية التي يمكن اللجوء إليها وقت الحاجة؛ وبخاصة في أوقات الأزمات». وزاد: حققت ميزانية العام 2012 فائضا ماليا بلغ 386 مليار ريال؛ ما يُعد ثاني أضخم الفوائض المحققة في موازنات الدولة؛ بعد فائض العام 2008 الذي بلغ 590 مليار ريال. حيث دأبت الحكومة السعودية على تعزيز احتياطياتها المالية من الفوائض السنوية وبما يحقق لها الأمن المالي والاستقرار الاقتصادي. ففي التسعينيات الميلادية عانت المملكة كثيرا بسبب انخفاض أسعار النفط لما دون 10 دولارات، ما أثر سلبا على قدراتها المالية والتزاماتها التنموية. تجربة التسعينيات الميلادية القاسية حملت الحكومة على اتخاذ قرار تعزيز الاحتياطات المالية وبما يحقق لها الاستقرار المالي. واختتم البوعينين قائلاً: أجزم أن الحكومة نجحت في سياستها المالية التحوطية التي ركزت فيها على بناء الاحتياطيات المالية، وخفض الدين العام، دون أن تؤثر تلك السياسة على حجم الإنفاق؛ الذي شهد نمواً كبيراً خلال السبع سنوات الماضية؛ حتى بلغ ذروته في ميزانية العام 2013م.