شعرت بأني (جبان) لعدم قبولي تحدي أحد الأصدقاء (القصمان) بالانضمام لمُلتهمي (الجراد) في (معركة بريدة) التي وقعت صباح (الخميس الماضي) في مزرعتهم! رغم أني غادرت الرياض (متحمساً) صوب سوق (الجردة)وكانت النية (معقودة) لقضم (جرادتين أو ثلاث) على الأقل، بحثاً عن الفوائد الصحية المُعلنة، أو تلك المخفية التي يُلمح لها (الدلالون بالجردة) وهم يغمزون (بعين) ويرفعون (حاجب الأخرى) عندما يكتشفون أنك (سائح مناطقي) جئت (تبحلق) عينيك فيما يتم (جلبه) والحراج عليه في هذا السوق العريق! يباغتك أحدهم بصرخة من الخلف دون أن تشعر: أويلاُه لا يفوتك ال (المِكِنْ ).. دوك (الزعيري) ذا.. مابزين منُه! تتجوّل بين السيارات القادمة من (رابغ) و(ثول) والمُحملة بكميات من الجراد وتستمع إلى أسعاره (الفلكية) التي لا يمكن أن يُباع بها في أي مكان بالعالم، حاولت التعرّف على فوائده صريحة (باستفزاز) أحد البائعين وقلت له: يا عم وش الفايدة من أكل الجراد (الناس تأكله زمان بسبب الجوع) ؟! فقام بإدخال يده في (قفص الأسر) وهو بالمناسبة (كيس بصل)، حيث تقبع وتتحاشر (قبيلة) من الجراد، وأخرج (جخاخة صفراء) وقطع رأسها (بيده) ثم عصر (بطنها) ليخرج سائلاً هو خلاصة ما تتناوله من (الأعشاب) وقال: (هذي الزبدة) إذا خرج الجراد خل الدواء! هنا شعرت بضرورة وجود جمعية (للرفق بالحشرات) وقرَّرت إلغاء فكرة (تناوله) إطلاقاً، رغم الأوهام التي ينقلها (جامعوه وبائعوه)! خسرت فائدة (تذوّق الجراد)، ولكنني كسبت تجديد العلاقة مع (السوق الربيعي) الذي يستحق الزيارة من (خارج القصيم) والتجوّل فيه بين (كبار السن) لاكتشاف أسرار من عبق الماضي، والتعرّف على تجارب (حياتية) عظيمة تستحق أن تروى (لأناس بسطاء) في (النظرة الأولى) لمن تعلم في الخارج، أو غره (راتبه) و(رصيده في البنك) أو لمن يبرر لكل أخطائه وسوء تصرفه وضيق (خُلقه) مع الآخرين (بضغوطات الحياة) و(وحجم المسؤولية)الملقاة على عاتقه.. إلخ! حيث لن تستغرب من مشاهدة (مُسن) يتجول في هذا السوق يضحك ويبتسم و (يتعيّر على فلان) يقلب تلك (الأغراض المتنوّعة) والمعروضة هنا وهناك، وفجأة يوشوش أحدهم في أذنك ويقول: إن أملاكه تقدّر ب (20 أو 30 مليون ريال)؟! إنها (الحياة الحقيقة) ببساطتها بعيداً عن التعقيد، أنصح كل (رجل أعمال) يريد الهروب من (الضغوط) زيارة الجردة فوراً! هناك سيتعلم فلسفة (اللي ما ياكلك كله)! وعلى دروب الخير نلتقي. [email protected] [email protected]