أمير حائل يتسلّم التقرير السنوي لإنجازات وأعمال الدفاع المدني بالمنطقة    سلمان بن سلطان يدشن مشروعات بحثية توثق تاريخ المدينة    11 مليار ريال لفرص استثمارية بالأحساء    مبالغ النفقة والأخطاء الطبية مستثناة من الحجز البنكي    ارتفاع أعداد الحاويات الصادرة بنسبة 18.25% خلال فبراير 2025    غرفة تبوك تواصل ديوانيتها بحوارات ثرية تجمع خبراء الاقتصاد    اختتام منافسات ملتقى المملكة التأهيلي الثالث لألعاب القوى    النصر يواجه الاستقلال الإيراني في إياب دور ال16 لدوري أبطال آسيا للنخبة    فيجا يربك حسابات الأهلي    وصافة Yelo بين النجمة والعدالة    السالم يبتعد بصدارة المحليين    الاتحاد يجهز ميتاي للرياض    سعود يعود بعد غياب لتشكيلة روما    الصفا يواصل مطاردة الخليج في ممتاز اليد    الأمير سعود بن نهار يستقبل قائد منطقة الطائف العسكرية    فتيات الكشافة السعودية روح وثّابة في خدمة المعتمرين في رمضان    أمير منطقة تبوك يرعى حفل يوم البر السنوي للجمعيات الخيرية    بلدية محافظة الشماسية تعالج تجمعات المياه بعد الحالة الجوية الماطرة    4.2% نموا بالاقتصاد السعودي مدفوعا بالقطاع غير النفطي والصادرات    مستشفى خميس مشيط العام يُنظّم فعالية "اليوم العالمي للزواج الصحي"    قطاع ومستشفى تنومة يُفعّل "التوعية بالعنف الأُسري"    أبها للولادة والأطفال يُفعّل حملة "التطعيم ضد شلل الأطفال" و "البسمة دواء"    شبكة مالية حوثية للهروب من العقوبات    سلام دائم    «سلمان للإغاثة» يوزّع 450 سلة غذائية في مدينة جوهانسبرغ بجمهورية جنوب أفريقيا    "تكفى لا تعطيني" تحاصر عصابات التسول    نعتز بالمرأة القائدة المرأة التي تصنع الفرق    ‏ "أمّ القُرى" تحصد شهادة الآيزو الدَّوليَّة في مجال أمن المعلومات ومجال الأمن السيبراني    فرض الضغوط وتعزيز الدعم إستراتيجية بورتمان لسلام أوكرانيا    الكهرباء والمياه هدفا إسرائيل بعد وقف مساعدات قطاع غزة    3 مرتكزات تعزز الوعي الصحي بجازان    الضباب يعلق الدراسة بالباحة    سمو أمير القصيم يشيد بجهود "كبدك" ويدعم مسيرتها في خدمة مرضى الكبد    غدا.. تكريم الفائزين بجائزة التميز الإعلامي    السينما السعودية.. غياب للقصة المحلية وتراجع المشاهدات    ضيوف "خادم الحرمين": جهود المملكة عززت من رحلتنا الإيمانية    ترامب يثير الجدل: أوكرانيا قد لا تنجو من الحرب مع روسيا    "الداخلية".. خطط متكاملة لتعزيز الأمن وإدارة الحشود    مكة في عهد عبد الملك بن مروان.. استعادة السيطرة وإعادة الإعمار    أعمال «مرور الرياض» أمام محمد بن عبدالرحمن    هدم 632 منزلاً في طولكرم    الإفطار الرمضاني بالعُلا تجربة تنبض بعبق التاريخ والتراث الأصيل    الدول المنتجة للنفط تخفّض الانبعاثات بتعزيز كفاءة التشغيل    أمير تبوك يطلع على التقرير السنوي لمديرية الدفاع المدني بالمنطقة    مكتبة الملك عبدالعزيز العامة ترسخ مبادئ التمكين الثقافي للمرأة السعودية    مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية يجدد مسجد فيضة أثقب بحائل    أمير منطقة جازان يتسلم التقرير السنوي لجمعية الأمير محمد بن ناصر للإسكان التنموي    جامعة الملك فيصل تتصدر تصنيف الأكاديمية الأمريكية للمخترعين لعام 2024    يوم العلم السعودي.. اعتزاز بالهوية وترسيخ للقيم    أجواء روحانية ومزيج من العادات الرمضانية يعيشها المقيمون في المملكة    الإدارة الجديدة تكبح الفلول وتبسط سيطرتها.. سوريا.. العمليات في الساحل تقترب من نهايتها    أمريكا ترصد 10 ملايين دولار مقابل معلومات عن متزلج كندي    نادي الأخدود الرياضي يحتفي بيوم المرأة بشراكة مجتمعية    الموت يغيب أيقونة الطرب المغربي نعيمة سميح    المرأة السعودية.. شريك أساسي في بناء المستقبل بفضل رؤية القيادة الرشيدة    الدولة بين واجبات السياسة وفنون الإدارة 2/2    الجامعة العربية تدين تصاعد العنف في الساحل السوري    المرأة ومأزق المربع الأول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فقيد المحراب: عبدالله بن زيد الرفاعي رحمه الله
عبد العزيز بن صالح العسكر
نشر في الجزيرة يوم 23 - 12 - 2012

عن أي جانب من حياته أكتب ؛ هل أكتب عن واحد من خير الجيران، أو عن صديق وفي كريم، أو عن زاهد متعفف، هل أكتب عن الموظف المخلص الناصح، أم عن الأب الرحيم الودود إن تلك الصفات وغيرها كثير مما تميز به أبو فهد رحمه الله وغفر له?
لقد ودعت الدلم بعد صلاة الجمعة الواقع في الثالث والعشرين من محرم من عام 1434ه من الهجرة، علما تقيا خفيا هو عبدالله بن زيد الرفاعي. وقد امتلأ جامع الملك عبدالعزيز في وسط الدلم من المصلين وامتلأت الشوارع المحيطة بالمسجد وحضر الصلاة آلاف المحبين للشيخ عبدالله، وقد نفذت وصية حبيبنا بالصلاة عليه في هذا المسجد، وحمل إلى المقبرة جريا على الأقدام.
لقد كان أبو فهد أمة في رجل، ومدرسة في الأخلاق وحسن التعامل وحسن التربية، شهد له بذلك الداني والقاصي، وأجمع على ذلك زملاؤه في العمل وجيرانه في الحي، وأبناؤه في البيت.
إن أبا فهد قد خلف تركة غالية نفيسة يفخر بها أولاده ومحبوه، إنها تركة لم يحصل عليها كثير من الناس، وكم تمناها الآلاف وما حصلوا عليها، وفاز بها المشمرون، وغنمها عباد الله المتقين، وظفر بها أصحاب العقول الراجحة، والبصائر النيرة. تلك التركة هي خصال نادرة قل أن تجتمع في رجل في زماننا. خصال ترفع مقام صاحبها في الآخرة، وتبقي له ذكرا حسنا في الدنيا. وذلك حينما ينسى أصحاب المال والجاه، ويندم عشاق المناصب والشهوات، الغارقون في الأوهام، واللاهثون وراء سراب الدنيا ولذاتها.
إن أبا فهد رحمه الله كان زاهدا أعرض عن الشهوات وابتعد بهمه وفكره وعمله عن الركض وراء الدنيا واكتفى بما يقيم حياته وأسرته فقط فما عرف عنه بيعا وشراء لأي شيء وما نافس طلاب الثروة في أي مجال. مع وجود عمله في دائرة تفتح للعاملين فيها باب الثراء وفرص جمع المال وتنميته.
ولقد كان ورعا يخاف الله ومراقبته في كل ما يأتي ويترك ؛ ففي عمله الوظيفي يأتي قبل أن يأتي الحارس الذي يفتح باب المحكمة، فيراه الناس جالسا على عتبة باب المحكمة حتى يأتي الحارس ليفتح الباب قبل بداية الدوام، ثم يذهب إلى مكتبه الذي لا يقوم عنه حتى الثانية والنصف تماماً أو بعد ذلك إن بقي القاضي في مكتبه تحلى أبو فهد بذلك المثال في الجد والإخلاص في زمن لا يأتي فيه بعض زملائه إلا بعد بداية الدوام بساعة أو ساعتين، ثم ينصرفون قبل نهاية الدوام بساعة أو ساعتين، فما ثناه ذلك عن الجد والإخلاص وتبرئة الذمة في القيام بالعمل.
هدم المسجد الذي هو إمامه بجوار بيته، ليعاد بناؤه، وبقي عاما كاملا تقريبا، وكانت مكافأة الإمامة تنزل في حسابه، فرفض تسلمها واستفتى العلماء وسأل مكتب الأوقاف فكان الرد المجمع عليه أن ذلك حق لك، ولكنه لم يقتنع بكل ما قيل وذهب هو وابنه ووزع مبالغ تلك المكافأة على الفقراء والمحتاجين ولم يأخذ لنفسه أو أولاده منها شيئا!!!
يا لها من خصلة نادرة ومثال صعب المنال. ونحن نرى من لا يتورع في أكل ما ليس له و(التحايل) على أكل المال الخاص والعام بحجج واهية، و(فتاوى) مريضة يفتي بها مرضى القلوب ولا يتورعون بأن يقولوا مال الدولة حلال خذ مثلما يأخذ غيرك!!!
ولقد كان أبو فهد رحمه الله جادا في قوله وعمله؛ فقد ظل ما يقارب خمسة وثلاثين عاما إماما للمسجد المجاور لبيته، فما غاب عن وقت ولا أناب من يؤم الناس، فإذا دعي لوليمة غداء أو عشاء اشترط أن تقدم في وقت يمكنه من الذهاب لمسجده وإمامة المصلين في الوقت الذي يلي وقت الوليمة مباشرة، وكم تكون المعاناة إذا كانت الوليمة في الرياض والشرط قائم فيضطر أبناؤه وغيرهم ممن يدعوه أن يقدموا وقت الغداء ويؤخروا العشاء ليتمكن أبو فهد من إمامة المصلين في مسجده لصلوات الظهر والعصر والعشاء، فهل نجد إماما بمثل ذلك الجد والحرص. أجزم أنه نادر جداً. والله المستعان.
ولقد أنعم الله تعالى على أبي فهد بالحكمة والفطنة فكان مستشارا للقضاة رغم عدم إكماله الدراسة في كلية الشريعة بالرياض لعارض صحي. فكان الشيخ عبدالرحمن بن مبارك العصفور رئيس محكمة الدلم يعرف لحبيبها قدره ومكانته رغم أن عمله الرسمي كاتب صادر ووارد - وفي هذا أيضاً دليل زهد وورع وبعد عن المظاهر - كان الشيخ يعرف لأبي فهد خبرته ولباقته وبعد نظره فاستشاره واستفاد منه في بعض القضايا، ثم استفاد منه الشيخ عبدالرحمن الدريهم وغيره ممن عرفهم أبو فهد في محكمة الدلم.
قلت إن أبا فهد مدرسة وأنا أجزم وبعد حوار مع أبنائه أن أبناءه وبناته قد تربوا تربية صالحة على يديه وأثر فيهم بصلاحه وتقواه وصدقه وحيائه وكرمه وأمانته وجده أكثر من أي مؤثر آخر، فهم وإن كانوا حصلوا على الشهادات الجامعية في تخصصات مختلفة وعمل بعضهم في التعليم إلا أن مدرسة عبدالله بن زيد الرفاعي في ذاته وبيته كانت أعمق أثرا في نفوسهم وأخلاقهم وتعاملهم حفظهم الله ونفع بهم.
يطول الحديث عن شمائل أخي أبي فهد وتعجز الكلمات عن الوفاء له وهو نعم الجار لوالدي ونعم الموظف في الدلم ونعم المربي، ولكني أختم بتهنئة وتعزية لفهد ومنصور وخالد وزيد وسعد وأخواتهم بأن الآلاف الذين شهدوا جنازة والدكم وحب الناس له ولكم وقف سيبقى لوالدكم، يدعى له كلما ذكر وكلما رآكم الناس، فأحيوا سيرته والتزموا نهجه تصعدوا إن شاء الله في الدنيا والآخرة.
أسأل الله الكريم أن يجمعنا بحبيبنا أبي فهد في الفردوس الأعلى من الجنة، وأن ينفعنا بما نقول وما نسمع وأن يصلح نياتنا وذرياتنا إنه جواد كريم.
- الدلم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.