الإقبال على الله والتوبة الصادقة النصوح والعزم على ترك المعاصي والندم على ما مضى من الأخطاء والذنوب كل هذا بإرادة الله ورحمته يقابل بالعفو والمغفرة من واسع الرحمة والمغفرة والقائل في محكم كتابه الكريم قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (الزمر 53)، وقوله عليه الصلاة والسلام (قال الله تبارك وتعالى يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة). قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى -: (ولم يقل أحد يعتد به ان الصحابة - رضي الله عنهم - أو غيرهم من الأولياء أو القرابة معصوم من كبائر الذنوب أو من الصغائر، بل يجوز عليهم وقوع الذنب والله يغفر لهم)، وفي الحديث الشريف ان النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون)، وفي حديث أبي ذر (إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب فاستغفروني أغفر لكم)، وفي الآية الكريمة (وأتبع السيئة الحسنة تمحها)، وفي حديث المصطفى عليه الصلاة والسلام - إنه يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان، كل هذه الآيات البيّنات المحكمات وهذه الأحاديث الناصعة بالبيان والحكمة وغيرها مما تحفل به مائدة القرآن الكريم الكاملة وكتب السنّة المطهرة الشاملة وإضاءات السلف الصالح كل ذلك يدعو الإنسان المسلم إلى التفاؤل والاستبشار وعدم القنوط واليأس، كما يوضح للداعية المحتسب المخلص بالدليل الساطع ان التبشير أحسن من التنفير والترغيب أهم من الترهيب والتيسير أفضل من التعسير.. ومن هذه المبادئ والسنن في فقه الدعوة يتضح ان ما ذكرناه في مقدمة الموضوع هو الأسلوب الأمثل في النصح والدعوة والتوجيه على هدى وبصيرة بعيداً عن أسلوب الغلظة والفظاظة والمبالغة الذي يهدم ولا يبني، بل يبعث القنوط واليأس والنفور والتشاؤم مما يجعل الإنسان المسلم حائراً متردداً خائفاً وجلاً لأدنى هفوة أو غلطة تحدث منه كبشر ضعيف إلى درجة أنها ربما تؤثر في مسيرة حياته إن لم تحطم إرادته.. ومن هنا فإننا نناشد أحبتنا المجتهدين من رجال الدعوة والإرشاد المحتسبين وخطباء الجمعةالمخلصين خاصة ممن لم يتمرسوا في أدب وفقه التوعية الإسلامية دراسة الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة التي ذكرناها في مقدمة الموضوع وغيرها وفهم محتواها والمرور على شروحات السلف رضوان الله عليهم من مفسرين وفقهاء ورجال حديث للوقوف على ما تعنيه وتحفل به من معان سامية وأهداف كريمة وغايات نبيلة كلها تصب في معين واحد هو الدعوة إلى الله بالتي هي أحسن وبالحسنى وعلى بصيرة وهدى، والله الهادي إلى سواء السبيل وهو نعم المولى ونعم النصير. إضاءة: وأرسلت فينا سيد الخلق داعياً إليك فلم يغلظ ولم يتشدد دعا الناس في الدنيا لفضل مؤبد وبشّر في الأخرى بخلد مخلّد abo.bassam@windows live.com الرياض