قادتني عجلات سيارتي قبل أيامٍ إلى أحد الشوارع المكتظة بالمحلات الصَّغيرة يمنةً ويسرةً، سرت أتفحص وجوه البائعين فإذا بخرائط الشرق تتجلَّى في وجوههم وابتساماتهم دون إثرٍ لأبناء جلدتي... لا أثر لأيِّ سعوديٍّ، حتَّى مكتب العقار الوحيد الذي انتبذ مكانًا قصيًا من الشارع حين استبشرت بلباس الجالس خلف ركام خشبه، عادت تباشيري حسرة بعد أن تحدَّثت إليه لأدرك أنّه من جنسيّة عربيَّة وأنّه حديث عهد بالبلاد والعباد وأن لباسه ليس إلا جواز تسترٍ مزورٍ!... سؤالي: أين شبابنا المشغول بتحديثات حافز؟ **** لست من زوّار العطارين لأن الدهر لم يفسد الكثير بعد، لكنّ «أم الزيارات» تأتي دائمًا بالصدفة!... ففي ذات الشارع استفزني حوارٌ ساخنٌ بين موزعٍ وعطارٍ -كلاهما من جنسيَّة عربيَّة- حول تحصيل مبلغ متأخر من مستحقات خلطة القهوة السرية!.. التقطت العبوة السرية محل الخلاف فلم أجدْ أيّ تفصيل لمحتويات مكوِّناتها واستثارتني طريقة التغليف البدائية لها... قاطعت حدة نقاش الموزع والبائع لأسالهما عن مكوِّنات هذه الخلطة.. فجاءني الرد من الطرفين: لا اعلم! سؤالي: يا وزارة التجارة ويا هيئة الدواء والغذاء هل تعلمان أن لدينا الآلاف من محلات العطارة؟! **** غير بعيد عن ذات الشارع أوقفت سيارتي فإذا بشاب يلبس زيًا شبيهًا بموظفي الأمن -أدركت من لهجته أنّه غير سعودي- يطرق نافذتي ليخبرني أني في موقفٍ مخالفٍ وأن عليَّ الابتعاد عن الموقف المخصص لزبائن المطعم...بادرته بالسُّؤال ممازحًا: وأنت هل لديك إقامة نظاميَّة؟ تلعثم الشاب فأجاب: مع كفيلي ليجددها؟!، ثمَّ سمح لي خائفًا بالوقوف حيث أريد!..أبعدت سيارتي امتثالاً لنظام مطعمه وأنا أتساءل عن امتثال مطعمه لنظام بلادنا! سؤالي: هل ما تزال الجوازات تتابع نظاميَّة المقيمين؟! **** دائمًا ما يقال: إن الأسرار تقبع خلف الأبواب المغلقة... لكن بعد جولة عابرة استطيع الجزم أنها: تصرخ في الأسواق المفتوحة فهل من يعي أو يجيب؟!... دمتم بودٍّ وإلى لقاء.. عبر تويتر: fahadalajlan@