أبرز متخصصان في القرآن الكريم وعلومه أهمية دور الأسرة في تنشئة أبنائها وبناتها على حب القرآن، وتعاهده بالتلاوة والحفظ والتجويد منذ نعومة أظفارهم؛ حيث إن الأسرة، ممثلة في الآباء والأمهات، المسؤولة الأولى عن تربية الأبناء وصلاحهم وهدايتهم إلى عمل الخير والرشاد، وفي مقدمة ذلك الإقبال على كتاب الله. واتفق الباحثان في حديثين لهما على أن هذه الخصال إذا رُسّخت في الأطفال منذ صغرهم فإن ذلك سيؤدي - بإذن الله - إلى تثبيت حب القرآن في نفوس الأبناء والبنات؛ ليمتد معهم هذا الحب في سنوات أعمارهم القادمة. الكتاب العظيم بداية يشير رئيس قسم القراءات بجامعة الطائف د. ناصر بن سعود القثامي إلى أن كتاب الله عظيم لعظمة من تكلم به، وعظيم لمكانة من نزل به، وعظيم لمقام وشأن من نزل عليه، وعظيم لخيرية من خوطبوا به، وعظيم لشرف الزمان الذي نزل فيه، وهو عظيم في تشريعاته، عال في أسلوبه ولغته، كبير في مقاصده وغاياته، وهو دستور الأمة ومصدر تشريعها الأول {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ. لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}. وهو كتاب الهداية والصلاح والتوفيق والنجاح، وهو عمدة الملة، وكلية الشريعة، وينبوع الحكمة، وآية الرسالة. لا طريق إلى الله سواه، ولا سبيل إلى النجاة بغيره، وهو التبيان والفرقان والرحمة للمؤمنين، آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم، وذكرى لمن كان له قلب، ولا تفنى عجائبه ولا تنتهي أسراره، ولا تزول سحائبه {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ}. ولا فلاح للأمة إلا بالتمسك به، ولا خروج لها من أدوائها وعللها إلا بالسير على نهجه، وهو كتاب يدعو إلى العدل والإحسان والتعاون والوئام، ويمقت البغي والظلم والعدوان وتسلُّط القوي على الضعيف، ويحذر من مسالك العنف والغلو في الدين. كتاب أوضح غاية الإنسان في معاشه ومعاده، وفي حياته وبعد موته، وترقى بالإنسان في معالي المكارم وأنبل المثل وأسمى الأخلاق، وقد تكفل الله لم حفظ هذا القرآن وعمل بما فيه الهداية من الضلال في الدنيا، وعدم الشقاء في الآخرة {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى}، أي لا يضل في الدنيا، ولا يشقى في الآخرة كما قاله ابن عباس رضي الله عنه. وإن من بشائر الخير المؤذنة بمستقبل مشرق للأمة الإسلامية ما نراه من تنافس بين أبنائها في حفظ القرآن الكريم وتلاوته وإقبالهم على تعلمه، وهذا فضل عظيم وطريق سوي بل هو طريق الخيرية المطلقة كما جاء في الحديث (عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِي عَنْ عُثْمَانَ رَضِي اللَّه عَنْه عَنْ النَّبِي صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّمَ قَالَ: خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ). ولا شك أن وراء هذا الإقبال - بعد فضل الله وحفظه لكتابه - جهود أهل الخير والصلاح والفضل والإحسان، سواء على مستوى الدول والحكومات أو على مستوى الأفراد والجماعات. تلاقي الحفظة وقال د. القثامي: إننا في المملكة العربية السعودية، بلاد الحرمين ومهبط الوحيين ومنطلق الدعوة والخير، للنعم بنعم كثيرة، منها ما توليه حكومتنا الرشيدة وقادتها الأوفياء من بذل وعطاء ودعم متواصل للجمعيات القرآنية والمسابقات الدولية ومدارس وحلقات القرآن الكريم ما ينقطع نظيره في العالم كله. ومن أبرز مشاهد هذا الاهتمام مسابقة الملك عبد العزيز الدولية لحفظ القرآن الكريم وتجويده وتفسيره، هذا المحفل المبارك والاجتماع السنوي الكبير على مائدة القرآن الكريم، بل أضحت هذه المسابقة واسطة عقد دولية ووصلة تعارف وتلاق بين حفظة القرآن الكريم بين أبناء العالم الإسلامي. وإن أعظم مربٍّ للأجيال هو القرآن الكريم، وأكبر مقوم للأسر هو كتاب الله؛ فيه الصلاح والهداية، إذا اشتغلت به الأسرة المسلمة حفظاً ومدارسة قادها إلى الرضوان والهدوء والاطمئنان والسكينة والألفة والمحبة، ويأتي في ذلك التوجيه النبوي بعمارة البيت المسلم بقراءة القرآن (فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ، إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنَ الْبَيْتِ الَّذِي تُقْرَأُ فِيه سُورَة الْبَقَرَةِ). أمانة الأولاد ويؤكد د. ناصر القثامي أن الأسرة مسؤولة عن تنشئة الذرية تنشئة صالحة، وهي أعظم واجبات الأسرة، وأمانة سيسأل عنها الزوجان يوم القيامة، كما أخبر بذلك الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم: (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها). والأولادُ نعمة مِنَ الله على العبادِ؛ فهُم امتدادٌ لعُمر الوالدين وخَلَف للأجيال، يعبدون الله تعالى، وتُعمَر بهم الأرض، قال الله تعالى:{وَاللّه جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَة وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ } (72) سورة النحل. وإذا قام المسلمُ برعاية أمانة الأولادِ وأحسَن تربيتَهم على القرآن الكريم وحفظه وتدبر آياته اعتادُوا الخيرَ وأحبّوه وأبغَضوا الشرَّ وجانَبوه، وكانوا خيرًا لأنفسِهم ولوالديهم ولمجتمعِهم، وكثرت منهم الحسناتُ، وحُفِظوا من السيّئات.. ففي صحيح مسلم: (إذا مات العبدُ انقطع عمله إلا من ثلاثٍ: ولد صالح يدعو له، أو علم يُنتفع به، أو صدقة جارية)، وصاروا قرة عينٍ للوالدين في الآخرة. والناشئة في الأزمنة المتأخرة والعصور الحاضرة معرَّضون لفتنٍ كثيرة، ومعرَّضون لأبوابٍ مِنَ الشّرور مدمِّرة، فهم محسودون ومستهدَفون، وكثُرت المؤثِّرات عليهم، وانفتحَ أبوابُ انحرافٍ لم تكن من قبل: فضائيّات وافدة مدمِّرة تعرِض ما يحطّم الأخلاقَ ويدعو إلى الفحشاء والمنكر، ومخدِّرات يُصدِّرها أعداءُ الإنسانية تمسَخ الآدمي من الإنسانية والخلُق والدين، وأصدقاء شرّ وسوءٍ يصدّون عن سبيل الله، ناهيك عن الأفكار الضالة المخرِّبة المدمِّرة الوافِدة التي تجرّ الشبابَ إلى الإرهابِ والتفجيرِ والإفسادِ في الأرض.. كل ذلك وذاك يدعو إلى قيام الأسرة بواجبها تجاه الذرية وصد كل وسائل الإغراء والإغواء، وأعظم مربٍّ للأسر ومصلح للذرية هو العيش مع القرآن حفظاً ومدارسة؛ ولذلك نرى الصور الناصعة المباركة في بلادنا وفي بلدان المسلمين، صور الشباب المقبل على كتاب الله، الشباب الذي عاش مع القرآن وتربى على مائدته، كيف ينافس ويسابق في مجالات الخير وميادين العز والفخر.. هؤلاء جميعاً أخرجتهم البيوت الصالحة، والتربية المباركة. والأسرة لها دور كبير في الاهتمام بالتربية على كتاب الله والتنشئة على حفظه منذ نعومة الأظفار. والطفل في مراحل عره الأولى سهل التقويم، يستجيب للتوجيه، ويتربى عليه في ظل رعاية الأبوين. الدور الفاعل للأسرة أما د. أحمد بن سليمان الخضير أستاذ الشريعة والدراسات الإسلامية المساعد بجامعة القصيم فقال: من يقلب صفحات التاريخ، ويتعايش مع سِِير من سبق من الأولين، يجد أنهم كانوا حريصين كل الحرص على تعليم أولادهم القرآن حفظاً وتلاوة ومدارسة، من حين مرحلة التمييز وقبل البلوغ؛ لإيقانهم بأن هذه المرحلة هي مرحلة تأسيس وغرس وتأثير، تنطبع في ذهن وخلد الطفل؛ فاعتادوا على استغلال هذه السن المبكرة من عمر الطفل؛ لأنه في بداية نضوجه الفكري والعقلي والاستعداد الذهني، وهم بذلك ضربوا أروع الأمثلة في حرصهم على أولادهم وإيثارهم لحفظ القرآن الكريم على اللهو واللعب والركض خلف ملذاتهم الصبيانية، وما أكثرها في وقتنا الحاضر، ولكن لن يعدم الخير بإذن الله في أمة محمد صلى الله عليه وسلم. وكان من سبق ممن ألف في التراجم والسير يبرزون سيرة العالم، ويذكرون أنه حفظ القرآن وهو صغير السن، ويعدون ذلك ميزة تميز العالم عن غيره من أقرانه، فها هو الشيخ الكندي قال عنه الذهبي في ترجمته «وحفظ القرآن وهو صغير مميز، وقرأه بالروايات العشر وله عشرة أعوام.. وهذا شيء ما تهيأ لأحد قبله». وجاء في كتاب أعيان العصر وأعوان النصر لصلاح الدين الصفدي في ترجمة محمد بن عبدالرحمن البعلبكي الحنبلي ما نصه: «وحفظ القرآن وصلى بالناس وهو ابن تسع»، وكذا الإمام محمد بن عبدالوهاب -رحمه الله - جاء في ترجمته أنه «تعلم القرآن وحفظه عن ظهر قلب قبل بلوغه عشر سنين». ومما جاء في سيرة الملك خالد - رحمه الله - أنه «حفظ القرآن الكريم في طفولته». ولا شك أن مثل هذه الأمثلة تجعلنا نقف احتراماً وإجلالاً لمثل هؤلاء الرجال وغيرهم تقديراً لذكرهم وما يحملونه في صدورهم من حفظ للقرآن الكريم. ويقيناً أن خلف مثل هؤلاء الرجال أسرة كان لها الدور الفاعل في تنشئة أبنائهم على تعلم وحفظ القرآن العظيم، ومن خلال ما قرأت في سير بعضهم وما عايشته في حاضرنا من أبناء حفظوا القرآن وهم في سن مبكرة من عمرهم تبين لي أن الأسرة كان لها الدور الفاعل والإيجابي حتى أوصلوا أبناءهم إلى مثل هذه الدرجة العليا. بيئة صالحة مناسبة ويحدد الدكتور أحمد الخضير الأدوار التي يمكن أن يكون للأسرة أثر فيها في تكوين بيئة صالحة مناسبة لتعليم الأطفال القرآن وحفظه. ومن هذه الأدوار ما يأتي: 1) إن الأب والأم متى عظم القرآن في نفوسهما وقدراه حق التقدير، وظهر ذلك من خلال سلوكياتهما في تربيتهم أبنائهما وأخلاقهما في التعامل مع الآخرين، حتماً سينشأ عند الطفل حب تعلم القرآن وحفظه. 2) لا يخلو بيت - ولله الحمد والمنة - في وقتنا الحاضر إلا والأب أو الأم يحفظ جزءًا من القرآن الكريم، هذا إذا لم يكونا يحفظانه كاملاً، وعلى هذا لو أن الأب أو الأم حاولا تسميع حزب معين أو سورة من القرآن الكريم بشكل يومي أو أسبوعي على أبنائهما؛ لينشأ بعد ذلك عند الأبناء محبة لتسميع وحفظ القرآن، بل سيكون لديه إدراك فعَّال، ويتبلور لديه تصورٌ إيجابي تجاه القرآن العظيم. 3) الهدايا التحفيزية والجوائز التشجيعية للأطفال عند كل جزء يحفظونه من القرآن، ولا بد أن نلاحظ هنا أن نأتي أبناءنا من حيث يحبون؛ ليكون للهدية دور فعال في وجدانهم، وأسرع طريقاً إلى قلوبهم، فإذا كانت الهدية مما يحبه الطفل سيتفاعل معك أكثر وأكثر بخلاف ما إذا كانت الهدية لا تساوي شيئاً عنده وإن كانت أغلى ثمناً. 4) يترتب على الدور السابق أمر آخر، هو اصطحاب الأطفال للمسابقات القرآنية لحفظ القرآن الكريم؛ حيث إن حضوره ومشاهدته أقرانه وهم يتلون القرآن الكريم حفظاً عن ظهر قلب لا شك أن ذلك سيحفز ويحرك في وجدان الطفل روح المنافسة والمسابقة؛ لذا أدعو القائمين على مسابقة الملك عبدالعزيز - رحمه الله - لحفظ القرآن الكريم - أدام الله عليهم نعمة الصحة والعافية - إلى توزيع استبانة على الحضور، خاصة صغار السن من غير المشاركين، ليتبيَّن مدى انعكاس وتأثير هذه المسابقة في نفسياتهم، وإلى أي حد وصلت إليه معنوياتهم. 5) كذلك من الأدوار التي ينبغي أن يكون للأسرة دور فاعل فيها لتنشئة الأطفال على حفظ القرآن الكريم الحرص على تسجيل الأبناء في حلقات تحفيظ القرآن الكريم إن كانوا ذكوراً، وإن كانوا إناثا فالدور النسائية موجودة - ولله الحمد - فهي بيئة حاضنة، همُّها الأكبر تعليم الأطفال القرآن الكريم وحفظه على يد أساتذة فضلاء، ومتابعة من وزارة الشؤون الإسلامية، ولها دعم لا محدود من لدن القيادة الرشيدة في بلادنا الغالية، وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين - حفظهما الله من كل سوء ومتعهما بالصحة والعافية -. 6) إضافة إلى ذلك فإن متابعتك لابنك أثناء حفظه، وسؤالك عنه، وعما حفظه، والمقدار الذي أتقنه من القرآن الكريم، سيشعره بأهمية ما يحفظ، ويجعله حافزاً له في حفظ أكبر قدر ممكن وتسميعه لدى مُدَرٍِّسِه وشيخه؛ ليكسب بذلك ثقة والده. 7) إن جلوسك مع ابنك وترتيب مدة زمنية وجدولٍ دقيقٍ يسير عليه في حفظ القرآن سيترتب على ذلك دَفْعَه لحفظ أكبر قدر من القرآن، وفي مدة زمنية قصيرة. 8) كذلك من المحفزات لدى الأطفال وتشجيعهم على حفظ القرآن الكريم وضع لوحة في البيت أو ما يسمى بلوحة الشرف، فكلما تفوق أحد أبنائك في حفظ قدر كبير من القرآن الكريم يوضع اسمه وصورته في هذه اللوحة؛ ليكون ذلك تشجيعاً له، ومحفزاً لغيره من إخوانه، خاصة إذا وضعت في مكان بارز يراه من يأتي زائراً. 9) أيضاً من الأشياء المعينة على حفظ القرآن الكريم، التي يظهر فيها دور الأسرة وتأثيرها الإيجابي، هو كما أسلفنا آنفاً من حكاية قصص من سبق من العلماء والأعيان ممن حفظ القرآن وهو صغير، وحكايتها بأسلوب شيق وممتع غير ممل؛ لجذب عقل الطفل وقبله قلبه؛ ليكون التأثير في ذلك أكبر وقعاً من أن يوجه الكلام إليه مباشرة. وقد حفظ الله لهذه الأمة أجيالاً تلو أجيال يتوارثون حفظ القرآن الكريم جيلاً بعد جيل، الصغار قبل الكبار، يقول الشاطبي بعد أن تحدث عن حفظ القرآن الكريم: «أما القرآن فقد قيَّض الله له حفظة بحيث لو زيد به حرف واحد لأخرجه آلاف من الأطفال الأصاغر فضلاً عن القراء الأكابر». وأخيراً، اعلم أيها الأب المبارك والأم الفاضلة أن الطريق في رياضة الصبيان من أهم الأمور وأوكدها، والصبي أمانة عند والديه، وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة، فإن عُوِّد على الخير وعلمه نشأ عليه، وسعد في الدنيا والآخرة.. وإن عُوِّد على الشر وأهمل إهمال البهائم شقي وهلك.. ورياضته بأن يؤدبه ويهذبه ويعلمه محاسن الأخلاق، ويحفظه من قرناء السوء.. ومهما رأى فيه مخايل التمييز فإنه ينبغي أن يحسن مراقبته، وأول ذلك ظهور أوائل الحياء، فإنه إذا كان يحتشم ويستحي ويترك بعض الأفعال فليس ذلك إلا لإشراق نور العقل عليه، حتى يرى بعض الأشياء قبيحاً ومخالفاً للبعض، فصار يستحي من شيء دون شيء، وهذه هدية من الله تعالى إليه، وبشارة تدل على الأخلاق، وصفاء القلب، وهو مبشر بكمال العقل عند البلوغ، فالصبي المستحي لا ينبغي أن يُهمل، بل يستعان على تأديبه بحيائه وتمييزه، وإن الصبي إذا أُهمل في بدء نشأته خرج في الأغلب رديء الأخلاق، كذاباً حسوداً، سروقاً، نماماً لحوحاً، ذا فضول وضحك، وكيد ومجانة، وإنما يحفظ عن جميع ذلك بحسن التأديب، ثم يشغل في المكتب فيتعلم القرآن وأحاديث الأخبار، وحكايات الأبرار وأحوالهم؛ ليغرس في نفسه حب الصالحين، ويحفظ من الأخبار التي فيها ذكر العشق وأهله.