هناك قناعة دولية، بعدم إمكانية حسم الأمور عسكرياً على الأراضي السورية، - وخصوصاً - أن الموقف الرسمي للنظام السوري، يعتبر الأزمة التي تمر بها البلاد أزمة داخلية، لا تحتاج إلى أي تدخل من أي طرف كان - عربياً أم دولياً -، الأمر الذي سيجعل من الحالة السورية، أن تتشابك مع حسابات دولية متضاربة المصالح، - إضافة - إلى تداخلها مع صراعات إقليمية، وتعقيدات داخلية. حتى هذه اللحظة، لم تلح في الأفق بوادر لانحسار العنف، ما يجعل البحث عن تسوية سياسية للأزمة السورية، والتي ستكون محكومة بظروف إقليمية، ودولية، خياراً مهماً، وهذا المسلك يؤكّده مدير مركز الحوار العربي - الأستاذ - صبحي غندور، حين أشار إلى إيران، وكيف أنها أصبحت: « اللاعب الإقليمي الذي تتمحور عليه، وحوله قضايا عديدة في المنطقة، تشمل: العراق، وسوريا، ولبنان، وفلسطين، - إضافة - إلى مصير العلاقات مع دول الخليج العربي، وتأثيراتها على أمن هذه الدول، وعلى النفط، والاقتصاد العالمي. هذا ما يدركه كلّه - طبعاً - الأخضر الإبراهيمي، وما جعله يشترط ضمانات الدعم الدولي، وهو يحاول - الآن - بناء صيغة تسوية، تدعمها إقليمياً - السعودية وإيران -، وتقف خلفها - واشنطن وموسكو- ؛ لتكون مدخلاً - أيضاً - لتفاهمات دولية، وإقليمية، تشترك فيها الصين، وتركيا، ومصر، والدول الأوروبية الفاعلة، حول قضايا إقليمية عديدة، لها علاقة بمستقبل النفوذين - الأميركي والإيراني - في العراق، وبمصير التسوية السياسية للصراع - العربي الإسرائيلي -، وامتداداته في لبنان، وفلسطين، إذ من الصعب التوصّل إلى حلٍّ للأزمة السورية، دون حدوث تفاهمٍ دولي - أيضاً - على مستقبل تسوية الصراع - السوري اللبناني الفلسطيني - مع إسرائيل، وإيران معنيّةٌ بكلِّ ذلك. ولأن الأمور وصلت إلى نقطة اللا عودة، - ولاسيما - أن بشار الأسد، خيّر شعبه بين خيارين أحلاهما مرّ، إما بقاء النظام، وإما أن يقوم جنوده بإحراق الأرض تحت أقدام شعبه، وهي السياسة التي سيحتاجها في المرحلة القادمة؛ ليستمر في جرائمه تحت غطاء مهمة الإبراهيمي؛ لإبادة الشعب السوري. وعليه، فإن إعادة التفكير بوسائل الحظر الجوي، من خلال إيقاف كافة الطلعات الجوية، والاستفادة من أهمية المنطقة الأمنية على طول الحدود مع تركيا، باتا مطلبين مهمين في ظل تلك المعادلة الصعبة؛ من أجل تحقيق الانتقال السلمي في سوريا. يجب عدم إغلاق نافذة الحل السلمي، دون إضاعة للوقت، أو محاولة لإضفاء غطاء شرعي على جرائم النظام الأسدي. فالأطراف اللاعبة في الداخل، ومثلها اللاعبون الإقليميون، أو الدوليون، عليهم عبء كبير في إنهاء الأزمة، واتخاذ الموقف المناسب، بما يعجل بحل يحمي الشعب السوري، ويحفظ وحدة ترابه. وهذا ما أثبتته التجارب في هكذا صراعات، من حتمية انتصار إرادة الشعوب، وفشل الاحتكام إلى القوة العسكرية، والحلول الأمنية. [email protected]