من شيوخ التومان من شمر أبناء عايش هجرس وكردي ووقيان كان لهم جار صاحب غنم وهم أصحاب إبل، وكانوا وقت الربيع بعيدين عن موارد الماء كما هي العادة، فهبت عليهم ريح من الهيف آخر الربيع أيبست العشب، فكان عليهم أن يتجهوا إلى الماء، وإدراك الماء سهل على التومان لمعرفتهم بالموارد، ولأنهم أصحاب إبل، أما الجار صاحب الغنم فلا يستطيع معانقة الإبل في سيرها، ومن الصعب أن ينجو بنفسه ويتركها للذئب، فقال التومان: سأوزع الغنم بين عربكم يأكلونها وذلك أولى من تركها للذئب. فقال له ابن عائش: سر بغنمك هذه الليلة ونحن نرحل صباحاً ونمرك في الطريق آخذين بأثرك وننزل مظنة معشاك وهناك ثميلة ماء قليل أعرفها ستكون بمقدار غنمك. فساروا حسبما اتفقوا عليه وقبل رحيل ابن عائش أكد على جماعته أن يحضروا له نوقهم حين نزوله فلما نزلوا وأحضروا نوقهم وجميع ما معهم من حياض ومواعين كبيرة وأمر بحِلب جميع النوق حتى امتلأت المواعين، وترك الحليب يبرد حتى منتصف الليل، ثم نادوه يبشّرونه بالماء وقد سئم من التعب، فأرسل الغنم تباعاً تشرب الحليب حتى رويت وكان آخر ما شرب الزمال. وبقيت الغنم ريانة حتى وصلت موارد الماء، وفي المناسبة يقول معاشي بن جحران من آل طوالة شيوخ الأسلم من قبيلة شمر: يا راكب اللِّي ما يعوّق مسيره من ساس عيراتٍ همامٍ خفافي تلفي على مسقي ظوامي قصيره بالمقطعه من در حمّْ الشعافي قل له سلامٍ من معاشي عشيره لراعي الصخا مشبع عيال الضعافي لا يطيع دب ما يقدي بعيره يقلع نياقك بالديار المهافي * من آدابنا الشعبية في الجزيرة العربية: منديل بن محمد الفهيد.