أهلاً بضيوف الرحمن في منزل القرآن حيث يجتمعون على صعيد عرفات بلباس واحد ويستشعر المسلم فيه يوم الحشر.. وتستقبل بلادنا بالبشر والترحاب حجاج بيت الله الذين يأتون من كل فج عميق وتتلاقى القلوب والأفئدة حول معاني الحج وفهم غاياته فما زال قبساً وضياء وضاء يضيء جنبات النفس فلنتأمل حكمة الله في الحج حيث تؤدى مناسكه في خشوع وخضوع، وعبادة وهدوء وأمن وطاعة ورفق وإيمان والتقرب إلى الله والاعتراف بعظمته وشكره على نعمه وتطهير النفس والسمو بها والاعتصام بالقرآن الكريم، والعمل بالسنة المطهرة. ولقد جاء في الحديث قوله عليه الصلاة والسلام (الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة)، لذا ينبغي تجنب كل ما يوقع في الإثم وينتقص الأجر والثواب. ولقد ورد في الحديث القدسي مباهاته سبحانه وتعالى بالحجيج ملائكته فيقول لهم (انظروا إلى عبادي جاءوني شعثاً غبراً يرجون رحمتي ولم يروا عذابي أشهدكم أني قد غفرت لهم). لقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لأصحابه الكرام (السكينة السكينة) وهذا درس يجب أن نتعلمه، فندرك أننا في بلد حرام وشهر حرام وأيام عظيمة فلنحرص يا أخي الحاج على الابتعاد عن كل ما يعكر صفو الأمن وإزعاج الحجيج في هذا البلد الآمن الكريم والانصراف إلى المهمة المقدسة التي قدمت من أجلها. ما أحرانا أن نتدبر فلسفة الحج ومغزاه، وندرك المعاني الكبرى والتعاليم العظمى التي جاءت بها شريعتنا السمحة العادلة. فليكن لنا من تلك المبادئ والأهداف ضياء ونوراً وقوة نسير بها في دروب الحياة والخير وينبوعاً يملأ نفوسنا طهراً وعفة وحناناً وتطبيقاً، وفهماً لمعاني ديننا قولاً وعملاً. فلنعمل على الاستفادة من حكمة الحج فالحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة، ولنكن جميعاً حريصين على عزة الإسلام ونصرته أمام أعدائه: {وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}. فلنحرص على الحج على الوجه المشروع حيث جعل الله الوعد بالمغفرة لمن لم يرفث أو يفسق، فالحاج مأمور بالسكينة والبر والتقوى وفعل الحسنات، والحج لا يكون مبروراً مثاباً عليه بجزيل الثواب إلا إذا كان خالصاً لوجه الله وعلى الكيفية والأحكام التي شرعها الإسلام وأوضحها النبي عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع وأوضحها لأمته قولاًُ وعملاً حيث قال: (خذوا عني مناسككم). نسأل أن ينصر الأمة الإسلامية وأن يعلي كلمته وأن يتقبل من ضيوف الرحمن حجهم ومناسكهم، وأن يجعل سعيهم مشكوراً وأن يمن على الجميع بالصحة والعافية والأمن والسكينة والتوفيق القبول وصفاء القلوب والنفوس والتعارف على البر والتقوى وعلى الخير والصلاح وأن يجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وأن يتقبل من الجميع صالح الأعمال والأقوال إنه سميع مجيب. وتقبل الله من الجميع صالح الأعمال وكل حج والجميع بخير والله الهادي والموفق إلى سواء السبيل. عضو جمعية التاريخ بجامعات دول مجلس التعاون باحث في أدب الرحلات