الدكتور عبدالرحمن بن صالح العشماوي له مكانة عالية ومرموقة في «دولة الشعر»، يشهد بها أسلوبه الجميل القوي، والسهل الممتنع، ومعانيه السامية الرفيعة، التي يصطادها خياله المجنّح من أجواء معاني الشعر البعيدة المترامية الآفاق، وله إلقاء يفتح أبواب القلوب لهذا الشعر المتميز، كما أنه يملك هذه المكانة في دولة النثر، فكلماته في فن الكتابة شاعرية تتعدى الدلالة القريبة المبتذلة، وجمله تصب في قوالب الوزن وألوان البديع دون تكلف، وثقافته الواسعة وبخاصة في علوم اللغة العربية وآدابها تبني له جسوراً متينة يَعْبر عليها من فن لآخر. ومع الكلمة الأولى من دفق قلمه على صفحات جريدة «الجزيرة» الغراء، التي أحسنت صنعا بضمه إلى كتابها، بدأ بعض الكتاب ينتقده في ثوب النصيحة والإشفاق على زورقه من الغرق في بحيرات النثر الواسعة العميقة، وظنوا أن هذا الزورق الجميل لا يستطيع السباحة إلا في بحور الشعر، وقد أثبت الواقع أن الزورقين كفرسي رهان، فقلمه في الكتابة والشعر يتدفق بمداد من مهجة قلبه حينما يناقش بعض القضايا الإسلامية والعربية والوطنية، ويقترح الحلول المناسبة لها، ويرسم بريشة خياله على صفحات جريدة «الجزيرة» لوحات فنية جمعت بين الجمال والمنفعة، وأخضعت دولتي الشعر والنثر لخدمة الفن والحياة، ومن دفق قلمه الرصين ما كتبه في جريدة «الجزيرة» في يوم الاثنين 24-1-1433ه عن تحية الإسلام «السلام عليكم» من نثر لبس ثوب الشعر، وأدب عالٍ رفيع بأسلوبه ومضمونه وجميع خصائصه الفنية، وقد قرأته وتمعنته فأوحى إلي نظم الأبيات التالية: السلام عليكم سلامٌ عليكم.. بالمحبة والصفاء سلام عليكم بالمودّة والنقاء إذا عُرِّفت في صدرها بأداة (ال) تساوتْ لآفاق المحبة والثناء تحية كل المسلمين لبعضهم ومن في جنان الخلد طاب له البقاء إذا صدرت بالودّ من قلب مسلم لقلب أخيه في المجالس واللقاء روت كل قلب ظامئ برحيقها وكانت شفاءً للصدور من البلاء «سلام عليكم» لوحة بجمالها تشعّ ضِياءً بالمودة والصفاء سلام كأزهار الحدائق غضّة سلام تباشير الصباح وفي المساء وينشره البسباس والروض عابقًا يعطّر أرضًا حلّ فيها وفي السماء سلام شداه الطير في غدواته وإن راح يهديه إلينا من الهواء فتحمله ريح الصّبا بنسيمها تزف شداه للأحبّة والعداء إذا طرق السّمع السلامُ فإننا نبادره رداً جميلا من الوفاء «عليكم سلام» من صميم قلوبنا نُحمله أنقى التحيات والولاء بقول لطيف صادق ونزيده مشاعر حُبّ طيبات مع الدعاء تحية ودّ تعمر الكون كله وتهدم حصنا للعداوة والجفاء وتزرع حُبًّا خالصًا ومودة تريح القلوب المثقلات من العناء وتُغمد سيفًا سلّه جهل خاسرٍ لتشفي الجروح المثخنات من الدِّماء ففي الحرب ويلات وحقد وفتنة وشرّ يجرّ الكائنات إلى الفناء وفي السّلم خيرات وفيه سعادة وتحت ظلال الأمن نسعى إلى البناء وقد جنحت للسّلم أمة أحمد وفَضَّل قومٌ ساحة الحرب والشقاء فيا رَبّ وفقها به واستجب لِمَنْ دعَوْكَ وهم بين التضرّع والرجاء ويا رب وفقنا لهدي محمد ومن هديه (أفشوا السلام) بلا رياء فأنت السلام فاستجب لدعائنا ومنك السلام في الشّدائد والرخاء - د. حمد بن عبدالله المنصور