سلام عليكِ سلام الزُّهور التي تنثر عطرها كلَّ صباح ، سلام الطيور التي تسمع الروض أجمل شَدْوٍ وأنقى صُدَاح ، سلام عليك سلام حفيف الغصون إذا داعبتها أكُفُّ الرِّياح ، سلام تباشير نور الصباح تُقابله كل يوم بروح انشراح. سلام عليكِ ، وهل هنالك أجمل من هذه الكلمة المفعمة بالنَّقاء والصفاءْ ، المرفرفة كما ترفرف العصافير حول أعشاشها حين تزُفُّ الصباح وحين تزفُّ المساء ، قُبَيْل الغدوِّ بُعَيْدَ الرَّواح. سلام عليكِ ، كأني بأحرفها تتساقى النَّدى في صباح المشاعر ، وتغدو به مثل أوراق زهر الحديقهْ ، وتصبح في حسنها لوحة للجمال تلوّن وجه الخيال بلون بياض الحقيقة ، وتفتح للقلب نحو الصفاءِ طريقه. سلام عليكِ ... ويكفي السلامَ جمالاً تألُّقه في النفوس ، ورونقه في القلوب ، وتحريكه للمشاعر عند الشروق ، وعند الغروب ، ويكفي السلامَ جمالُ الحروف ولطفُ المعاني ، وإرواؤه للقلوب العَطَاشى ، وتثبيته للجَنان ، ويكفيه ما فيه من سرِّ عطف وحبٍ ، وما فيه من دفقات الحَنان. سلام عليكِ .. لأنّ السلام يُريح القلوب ، ويرضي النفوس ، ويشرح الصدور ، ويُهدي إلينا زهوراً تفوق الزهور ، وشَدْواً جميلاً ، يفوق غناء الطيور ، لأنّ السلامَ إلينا بكفِّ الجمال يشير ، ويُسمعنا وَشْوَشَاتِ الحروف كأجمل نبع ، وأصفى غدير. سلام عليكِ ... حروف تطير على زَهَرات القلوب ، ملوَّنة كالفراشات حين تَلُوب ، تكاد برقَّتها أن تذوب. سلام عليكِ ... تحيّتنا الخالدة، تحيّة حب وخير غَدَوْنا بها أمَّة رائدة ، نردِّد ما بيننا كلَّ حين ، نقاءَ السلام ، وحُسْنَ السلام ، وصِدْق المشاعر حين نقول (السلامُ عليكَ) وحين نقول (عليكَ السَّلام) فنبني بها قلعةً للوئام ، ونمحو بها ما يسطِّره الوهم في صفحات الخصام. سلام عليكِ .. يا لها من جملة مضيئة لا نظير لها ، ميَّزنا الله بها ، وجعلها تحيّة المسلمين في الدنيا ، وتحيّة أهل الجنة فيما بينهم ، ولهذا يمكن أن ننظر إلى تحيّة الإسلام (السلام عليكم) على أنها قطعة من (جنّة الخُلد) نتداولها في هذه الدُّنيا ، إنها جوهرة ثمينة جداً من جواهر (الجَنّة) يتهاداها أهل الدُّنيا فيما بينهم ، كأجمل ما تكون الهديّة قيمةً ومكانة ، ومَعْدِناً ثميناً لا يتغيَّر مهما تناقله المتهادُون المتحابُّون. سلام عليكِ... حينما أزفُّها إليكِ ، أشعر أنّ أجمل أشذاء العطور تنتشر بيننا ، فتحوِّل الأُفُقَ إلى لوحة للحنان والوفاء والحبِّ ، لا يمكن أن يجد لها الإنسان نظيراً في هذه الدُّنيا ، وأشعر أنّ البلابل كلَّها تشدو في حديقة الحياة شدواً بديعاً متناسقاً تتساوَقُ ألحانُه دون تداخُل يحوِّلها إلى أصوات مختلطة ذات ضجيج. سلام عليكِ .... يكفيها قيمة عظيمة في النفوس ، قول الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام (ألا أخبركم بشيء إذا فعلتموه تحاببتم ، افشوا السلام بينكم) سلام عليكِ ... يكفيها شرفاً قوله تعالى {وَنَادَوْاْ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَن سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ} ، وقوله عزّ وجلّ {سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ }. إشارة: (اللهم أنتَ السَّلامُ ومنك السَّلامُ ، تباركت يا ذا الجلال والإكرام).