بحضور صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن عبدالله بن عبدالعزيز نائب وزير الخارجية رئيس مجلس أمناء جائزة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمية للترجمة وحاكم مدينة برلين كلاوس فوفرايت، أقيم مساء أمس الأول حفل توزيع جائزة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمية للترجمة في دورتها الخامسة, وذلك بقاعة بلدية مدينة برلين. واستهل الحفل بعرض فيلم وثائقي تناول مسيرة الجائزة منذ انطلاقتها قبل خمس سنوات وتطورها وزيادة الأعمال المرشحة للفوز بها مبرزاً المكانة التي بلغتها بالأوساط العلمية والأكاديمية. بعد ذلك ألقى عمدة برلين كلاوس فوفرايت كلمةً أعرب فيها عن تشرف مدينة برلين باحتضان الجائزة التي تكرم المترجمين الذين يجسدون إبداع المؤلفين وينقلونها إلى حضارات أخرى. وأشاد بما شاهده إبان زيارته للمملكة في شهر مارس الماضي والتطور الذي تشهده المملكة في شتى المجالات، مؤكداً أن هناك تنظيماً لمؤتمر اقتصادي كبير لزيادة التعاون السعودي الألماني في مجال الطاقة والصحة. ونوه بالأثر الإيجابي الذي تركه عرض روائع الآثار السعودية بمتحف برلين على الجمهور الألماني الذي تعرف على تاريخ المملكة القديم. وقال: إننا في ألمانيا نؤيد تطلعات الشعوب الإسلامية للحرية والتطور والتنمية، والدين الإسلامي لا يتعارض مع الديمقراطية والحرية»، مبيناً أن مدينة برلين يعيش فيها جنسيات من مختلف أنحاء العالم بأمن وسلام ويسود بينهم التعاون والانفتاح. عقب ذلك ألقى صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن عبدالله بن عبدالعزيز نائب وزير الخارجية رئيس مجلس أمناء جائزة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمية للترجمة كلمةً قال فيها: يسرني أن أرحب بكم في حفل تسليم الجائزة التي نحتفي اليوم في دورتها الخامسة في جمهورية ألمانيا الاتحادية الصديقة بمشاركة هذه النخب الفكرية والثقافية والإعلامية التي تنسج ثقافتها المختلفة في صورة وضيئة للحلم الإنساني الجميل المتعدد المتنوع الذي يعمل على تواصلنا بمختلف صنوف الإبداع والمعرفة، وإذا اختلفت الألسن وتعددت الأفكار فإن هذا الاختلاف والتعدد سمة من السمات البشرية التي أرادها الله أن تتشكل على الأرض من أجل التواصل والتعارف والتعاون». وأوضح سموه أن هذا الحفل يأتي ثمرة للعلاقات الودية الوثيقة بين المملكة العربية السعودية وألمانيا، وحرص القيادتين امشترك على تحقيق تقدم مستمر للعلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين، والتنسيق الفعال إزاء القضايا المشتركة. ونقل سموه تحيات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- وعميق تقديره لجمهورية ألمانيا الاتحادية وللدور الذي تقوم به في إثراء حركة الترجمة وحوار الثقافات الإنسانية، وقال سموه: يولي -حفظه الله- عناية خاصة بهذه الجائزة العالمية وتطويرها التي تتواكب ومبادرته الإنسانية للحوار بين أتباع الأديان والثقافات وتعزز الحوار بين الحضارات وفق أطر معرفية متنوعة ومنفتحة نحو المزيد من التقارب والتفاهم الذي يخدم ثقافة السلام وانطلاقاً من قناعة تامة بأهمية الترجمة في تحقيق التقارب بين الشعوب. كما قال سموه: «إن العالم اليوم يتوافق حول الكثير من المفاهيم والقيم الإنسانية التي يؤمن بها ويؤكد أنها أفضل السبل إلى التعايش والتسامح والتقارب كما أن معطيات الماضي الداعية إلى الصراع والتنافر والعداء أصبحت قيماً نمطية سلبية غير مرحب بها في عالم اليوم حتى لو كانت لها أصداء في جوانب علمية أو فنية تهدف لغرس بذور الفرقة والصراع إلا أن العالم اليوم بات أكثر وعياً من ذي قبل مدركاً بأن المتطرفين من الأفراد سوف يقودونا إلى الاندفاع صوب العنف والكراهية، إنه عالم متجدد وفق قيم معاصرة تعتمد على الوعي والتفاهم والبناء الإنساني المشترك وتعاون المؤسسات العلمية، وتتحمل فيه المنابر الثقافية والإعلامية مسؤولية كبيرة في تأسيس القيم الطيبة التي يحملها الوعي الإنساني الخّير وفي نشر هذه القيم وتقديمها بصورتها للرأي العام». وأكّد سمو الأمير عبدالعزيز بن عبدالله بن عبدالعزيز أن هيئة الجائزة تسعى إلى تكثيف وتوطيد أسس التعاون الإبداعي، مشيراً إلى أن الترجمة التي تصل بين نبض إنسان في الشرق بنبض إنسان آخر في الغرب أو الشمال أو الجنوب هي من الأهمية بمكان حيث تحفز قيم الفعل الإبداعي الذي يفضي في التحليل الأخير إلى صورة واسعة خالدة من التسامح والمحبة والحوار. وأفاد أن جائزة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمية للترجمة تشكل أحد جسور التواصل الفكري والثقافي بين الثقافات العالمية، وتهدف بالإضافة إلى نشر المعرفة إلى تعزيز مبادئ التفاهم والقيم الإنسانية المشتركة من أجل مستقبل مشرق لهذا الجيل والأجيال المقبلة. وبين سموه أن عالمنا يمر بكثير من المتغيرات السياسية والفكرية من شأنهاأن تؤسس لعالم جديد في أهدافه وتوجهاته وغاياته، مؤكداً أن المسؤولية كبيرة على مؤسساتنا الإعلامية والثقافية ويجب أن تدرك حجم المهمة النبيلة والمبادرة بالتبادل المعرفي والثقافي كما ينشده الإنسان بعيدا عن الصراع والهيمنة اللذين يؤديان إلى مزيد من الدمار والتخلف. وأكد أن المملكة تصافح بكل حب واحترام كل الأيادي التي تمتد من أجل التسامح والحوار ونسعى نحو الاستقرار في شتى المجالات بنتائجه المثمرة على تطور الشعوب ونمائها ولن يحصل ذلك إلى من خلال العمل الدؤوب والمثابرة من أجل تفعيل القواسم المشتركة التي تحقق ما تنشده الشعوب من حكوماتها وما تسعى إليه من تقارب وتواصل وتفاعل اجتماعي ومعرفي وإبداعي ونستطيع القول بعد ست سنوات من انطلاقة هذه الجائزة العالمية بكل فخر أنها نجحت في استقطاب كبريات الجامعات والمؤسسات العلمية والأكاديمية وجذب أفضل المترجمين من جميع دول العالم وفرضت وجودها ضمن جوائز الترجمة على المستوى الدولي ودورها في تنشيط حركة الترجمة العالمية على المستوى الدولي ودورها في تنشيط حركة الترجمة العالمية واستثمار ذلك النشاط في تعزيز فرص الحوار الحضاري والتقارب بين الثقافات والإفادة من الإبداع العلمي والفكري على أسس من المعرفة الرصينة. بعد ذلك توزيع الجوائز على الفائزين, تلى ذلك كلمة للمستشار بالديوان الملكي والمشرف العام على مكتبة الملك عبدالعزيز العامة عضو مجلس أمناء الجائزة فيصل بن عبدالرحمن بن معمر قال فيها « أحييكم من هذا المكان، الذي نحمل له في نفوسنا وذاكرتنا مكانة مرموقة، لما له من إسهام كبير في نشر الثقافة والإبداع في مختلف أرجاء العالم، نختار هذا المكان الذي انبثقت بين ربوعه كتابات تؤكد على وثاقة العلاقة الحضارية بين الغرب والشرق. وأكّد على أن نهضةَ الأمم مرهونةٌ ب (المعرفة) بحضارات الأمم الأخرى وثقافاتها, والتفاعل معها والتي يلزم الإحاطة بها الترجمة إلى لغة هذه الأمة، مبيناً أن المسلمين هكذا فعلوا إبَّان يقظتهم في العصر الذهبي لحضارتهم، وهكذا فعلت أوروبا في عصر النهضة؛ وقبلهما واكبتْ الترجمة النشأةَ الإنسانيةَ حيثُ استثمرَها الإنسانُ في نقل تراثه العلميِّ والحضاريِّ وتطويره عبر الثَّقافات والحضَاراتِ المتنوِّعة. وأبان بأنه مواكبةً لمسيرة التنمية التي يقودها الملكُ عبدُالله بن عبدالعزيز آل سعود في مجال نشر العلم وتشجيعِ العلماء؛ وتكريسًا لمنهج الاستثمار في الإنسانكمحور مهم لخطط التنمية الآنية والمستقبلية في المجالات الثقافية والتعليمية والحضارية وخصوصًا مجالات التّرجمة والتَّعليم والبحثِ العلميِّ؛ تبرز مكتبة الملك عبدالعزيز العامة من خلال اختصاصها المعرفي والمعلوماتي والحواري التي اهتمت بجانب تنمية مجموعاتها الاقتنائية, وبناء بنيتها الأساسية, بالتواصل مع رؤية المملكة العربية السعودية, التي أكَّدتها مبادرة الملك عبدالله بن عبدالعزيز للحوار بين أتباع الأديان والثقافات التي كشفت عن إيمان صادق بحاجة العالم إلى العمل للتقارب والتفاهم والتعايش. وأشار إلى أن هذه الجائزة تأتي ضمن برامج مكتبة الملك عبدالعزيز العامة؛ لتكمل هذه المبادرات كمنبر للتقارب والحوار والتعاون والانفتاح على المؤسّسات والمراكز البحثية والمكتبات ودور النشر العالمية. ثم ألقيت كلمة نيابة عن مديرة اليونسكو إيرينا بوكوفا عبرت فيها عن سعادتها بالنجاح الكبير الذي تحققه الجائزة عاما بعد عام, معربةً عن أملها بأن تسهم الجائزة في التفاهم بين الشعوب وردم الفجوة بين الحضارات. بعد ذلك تناول الجميع طعام العشاء الذي أعد بهذه المناسبة. حضر الحفل معالي سفير خادم الحرمين الشريفين لدى جمهورية ألمانيا الدكتور أسامة شبكشي وعدد من كبار المسؤولين الألمان والمثقفين والمهتمين بالشأن الثقافي.