الرياض عاصمة المملكة وعاصمة الصحراء، يسكنها ستة ملايين نسمة في آخر تقدير، ويقصدها مئات الآلاف من المواطنين والمقيمين من داخل المملكة وخارجها لإنجاز أعمالهم وزيارة أقاربهم، ويمر بها المسافرون من المملكة والخليج والشام المتجهون من شرق الجزيرة إلى غربها أو من شمالها إلى جنوبها، كما يقصدها السياح وخاصة أولئك الذين قدموا للعمل في السفارات الأجنبية، لذا تستحق الرياض الاهتمام والتطور والمسارعة في ذلك. ولهذا دأبت الهيئة العليا لتطويرمدينة الرياض على تقديم كل ما يستطيعون لهذه المدينة، ولكن أهل الرياض يطلبون المزيد من التطوير، كما نريد أن تتميز مدينتنا كعاصمة للمملكة ونحافظ على تاريخنا وتراثنا الذي يميزنا عن غيرنا. وهذه أفكار وأماني نتمنى أن تجد أذنا صاغية واهتماما من القائمين على تطوير عاصمة الصحراء فنحن نشارككم الحب لهذه المدينة ونطمح أن تكون أجمل عاصمة في العالم.. وليس ذلك ببعيد إذا تضافرت الجهود ووجه المجهود. وها أنا أكتب مرة أخرى عن عدد آخر من الأفكار والأماني أتمنى أن تجد لها مكاناً على أرض الواقع، ومنها: 1 - الرياض لا ترحب بزوارها: من خلال جولتنا في ربوع بلادنا رأينا أن معظم مدن وقرى المملكة يرحبون بزوارهم من خلال لوحات وعبارات توضع في مداخل تلك المدن والقرى بل ويكون ترحيبهم من تراثهم ولهجاتهم، حتى أصبحت تلك التراحيب تدل على تلك المدن والقرى مثل (مرحباً هيل عد السيل) أو (مرحباً ألف) أو (هلا يا بعد حيي) وغيرها الكثير، وتصاحب تلك التراحيب مجسمات تدل على الكرم وحسن الضيافة من عرض للدلة والمبخرة والبريق، بل ويودعون زوارهم بعبارات أخرى توجد في النفس انطباعاً طيباً عن أهل تلك المناطق. أما الرياض فلا توجد أي عبارة ترحيب بالزوار إلا بعض اللوحات التجارية على طريق مطارالملك خالد ذات الهدف الدعائي، فالمسافرون من حجاج ومعتمرين وزوار يمرون بالرياض ويخرجون منها دون أي ترحيب أو توديع. فهل يعطى هذا الأمر اهتماماً أكبر من قبل هيئة تطوير الرياض من خلال وضع لوحات كمبيوترية ضوئية ملونة مميزة وكبيرة الحجم توضع في مداخل الرياض وعلى مخارج الطرق الدائرية والتقاطعات الرئيسية، تحمل بعبارات الترحيب والتوديع والتهنئة بالمناسبات الدينية بلهجة أهل الرياض، وكذلك التوجيه والتذكير بالمواسم الدينية والمحاضرات والندوات والاحتفالات والبرامج والمناشط، بدلا من تلك اللوحات البلاستيكية والقماشية ذات الطابع البدائي في الشكل والعرض وطريقة التركيب والفك والتي تشوه أكثر مما تجمل. 2 - ما حك جلدك مثل ظفرك: قد يستغرب بعضهم من ورود هذا المثل ولكن الواقع يفرض علينا الصراحة، فأنا ممن تجول في مئات المدن والقرى في بلادنا الحبيبة ولي بعض الكتب والمقالات في مجال السياحة الداخلية، ومن خلال تجوالي وجدت الكثير من الأفكار والتطويرات والتحسينات في مدن المملكة وقراها، وبعد السؤال عمن تبنى هذه المشاريع والأفكار، وجدت أن أهل المدن والقرى هم الذين تبنوا هذه المشاريع وطورها إما على حسابهم الخاص أو بجهودهم وتعاونهم مع البلديات فعلى سبيل المثال: متحف رجال ألمع، وسوق المسوكف في عنيزة، ومدينة المذنب القديمة، ومتحف النماص ومئات المشاريع المماثلة، فهل يعي هذا أهل الرياض وتجارهاويقدمون شيئاً من المشاريع التجميلية الأثرية لمدينتهم. 3 - مداخل الرياض لا تليق بها: من الملاحظ أن مداخل الرياض لم تحظ باهتمام كبير من هيئة تطوير الرياض، والدليل هو بطء تنفيذ المدخل الغربي (القدية)، وعدم وجود أي شكل جمالي في المدخل الجنوبي على طريق الخرج أو المدخل الشمالي على طريق القصيم أو المدخلين الشرقيين على طريق الأحساء أو طريق الدمام السريع أو المدخل الشمالي الغربي على طريق صلبوخ. ومن أفضل ما يليق بمداخل الرياض أن يكون تصميمها على شكل بوابة خشبية كبيرة جداً بنفس تصميم بوابة المصمك وتحيط بها من الجهتين مقصورتان دائريتان يربط بينهما جسر عليه شرف مجصص، ويمتد سور من جانبي المقصورتين، لتعطي انطباعا عن الرياض ونظامها القديم للحماية. 4 - مدينة الرياض القديمة: هذه أمنية قديمة تراودني وهي ترميم وتجديد البيوت الطينية في حي الدحو الأثر الذي يعيد بعض المؤرخين نشأته إلى العهد الأموي، وإكمال الحي بإنشاء قرية طينية متكاملة في المنطقة المحصورة بين شارع الشيخ محمد بن إبراهيم غرباً وشارع الملك فيصل (الوزير) شرقاً وشارع الثميري شمالاً وشارع طارق بن زياد جنوباً، وتكون على شكل قرية طينية وأنموذج مصغر لمدينة الرياض القديمة مزينة بأشجار النخيل، وإعادة بناء مسجد الديوانية على بناء الإمام عبدالرحمن- رحمه الله- ومسجد الحلة على بنائه الطيني قبل الثمانينيات الهجرية، وتحتوي القرية على قيصرية للرجال تحتوي على دكاكين تبيع البضائع والملابس والأكلات والحلويات الشعبية القديمة التي تخص أهل الرياض فقط وتقدم في أوان شعبية، وقيصرية للحريم يباع فيها مستلزمات النساء القديمة والتراثية، وبناء بيوت على نمط البيت القديم في الرياض وتحتوي على الأثاث القديم، كما تتكون القرية من سكك وطرق صغيرة تجوبها الحيوانات الأليفة، وتحتوي القرية على مزارع بدائية من سواني أو أشراب زراعية وحظيرة للحيوانات، ولا يسمح بدخول التقنية الحديثة إلا على نطاق ضيق، كما يمكن لسكان الرياض وزوارها دخول هذه القرية والتسوق منها والسكن في البيوت القديمة بنظام الفنادق وشراء الأكلات الشعبية والجلوس حول المزرعة القديمة ربطاً لأبنائنا بحياة الأجداد، واطلاع السياح على ماضينا المجيد وحياتنا البسيطة. 5 - الآثار الطينية في الرياض بين سندان الإهمال ومطرقة الهدم: إن بادرة إعادة إعمار الدرعية القديمة العاصمة الأولى للدولة السعودية منطلق دعوة المجدد الشيخ محمد بن عبدالوهاب بمؤازرة الإمام محمد بن سعود رحمهما الله جميعاً، والتي سعدنا بها، وما صاحبها من أفكار تطويرية تجعل منها معلماً سياحياً على مستوى العالم، وليس غريباً أن يهتم بها في هذا الوقت من قبل هيئة تطوير الدرعية برئاسة الأمير سلمان، فإن التوجه العالمي للسياحة الأثرية يتطلب منا أن نبرز ما تملكه بلادنا من مقدرات أثرية منتشرة في جميع أنحاء المملكة، وقد أعادت فيني الأمل وطمعت بأن تحذو هيئة تطوير الرياض حذوها بالالتفات لآثارنا التاريخية في مدينة الرياض التي ضاعت بين سندان الإهمال ومطرقة الهدم. 6 - الدوارات والميادين ومزيد من الاهتمام: أعجبتني فكرة ميدان الكويت الواقع على طريق معهد الإدارة فتمنيت أن تعمم هذه الفكرة على جميع الدوارات والميادين في الرياض بحيث توضع دوارات صغيرة وسط مدينة الرياض تحتوي على نماذج حقيقية مكبرة للأدوات التراثية القديمة التي كان يستخدمها أجدادنا مثل الدلة والفنجال والمقدعة والسقا والقربة والشداد والسواني وغيرها الكثير، أما الدوارات الصغيرة في الأحياء الجديدة تسمى باسم مدن المملكة ويوضع نموذج لأبرز معالم تلك المدن، وأما الميادين الكبيرة فتسمى بعواصم الدول العربية والإسلامية والعالمية ويوضع في الميدان أبرز معالم تلك العاصمة ويصمم بحجم كبير ومطابق من حيث الشكل للحقيقة. وللمعلومية إن الدوارات والإشارات معاً سوف تقلل من قضية حوادث قطع الإشارات الشنيعة، كما هو الحال في دوار المطار القديم. وإلى اللقاء في الجزء الثاني من أفكار لتطوير وتجميل عاصمة الصحراء الرياض. خالد بن سعود بن سعد المبدل