تسعى معظم الأسر العربية ومنها الأسر السعودية إلى استقدام عاملات منزلية من جنسيات مختلفة وغالبهن من الفلبين وإندونيسيا وسيرلانكا بأجر شهري متفق عليه، وقل أن تجد اليوم أسرة بدون عاملة، مما جعل وجودها في المنزل من متطلبات الحياة الأسرية. وهذا الأمر لا اعتراض عليه من حيث المبدأ وفقاً لما عليه المجتمع اليوم من نمط حياة مختلف تماماً عما كان عليه في الزمن الماضي، ثم أخذ هذا الأمر أو هذه الظاهرة تأخذ أبعاداً أخرى تجاوزت الهدف الرئيس من الاستقدام، وتطور الأمر حتى أصبح للعاملة شأن في حياة الأسرة الخاصة، وتمكنت من التعرف على خصوصيات الأسرة والتدخل في الحياة العائلية فضلاً عن الحياة المنزلية، بل تطور الأمر إلى أن أصبحت العاملة المنزلية طرفاً في الخلافات العائلية، وأصبح لبعضهن سلطة الأمر والنهي والتأديب حسب مفهومهن لهذا المصطلح. ومما يزيد الأمر سوءاً أن نسمع في الوقت الحاضر حدوث جرائم اعتداء من بعض العاملات على أفراد الأسرة وخاصة الأطفال والشيوخ قد تصل أحياناً إلى القتل. فما سبب هذا الحدث المؤلم وما هي تداعياته في المجتمع وكيف الحل لهذه المعضلة التي باتت تؤرق عدداً من الأسر؟. أما عن السبب: فهذا يتوقف على الباعث له، هل هو راجع إلى سوء التعامل مع العاملة في المنزل؟ أو تصرف عدواني من العاملة لشيء في نفسها لا علاقة له بالأسرة؟.. كلا هذين الاحتمالين وارد، فإساءة المعاملة مع العاملة يولد الانفجار والسلوك العدواني، ولكن مهما كانت الإساءة في التعامل لا يمكن أن يصل رد الفعل إلى القتل وإزهاق نفس بريئة، ولا شك أنه متى وجد مثل هذه الحالة سيأخذ القضاء مجراه ويصدر حكمه . أما التصرف العدواني من العاملة دونما سبب فهذا مرجعه إلى سوء الاختيار المسبق وعدم التأكد من سلوك الخادمة، وما أكثر هذا النوع الذي ينتهي بالفشل وتسفير العاملة أو هروبها من المنزل بعد الإساءة على أهله في الغالب. وأما عن تداعيات تلك السلوكيات في المجتمع، فهو أمر يثير الجدل والاستغراب، ومطالبة بالتدخل الفوري من الجهات المسؤولة إلى القضاء على تلك الجرائم ومعاقبة العاملة المنزلية بما تستحقه شرعاً من باب الردع والزجر لأمثالها، وتدخل حقوق الإنسان وسفارة البلد الذي تنتمي إليه العاملة في دراسة هذه الظاهرة وإيجاد الحلول لها عاجلاً قبل أن يتفاقم الأمر ويزداد سوءا، وما قضية الشيخ الكبير والطفل الصغير اللذين تعرضا لاعتداء من العاملة المنزلية عنا ببعيد، الاعتداء الذي أدخل الشيخ الكبير العناية المركزة وذهب بحياة الطفل الصغير، وهذا على سبيل المثال لا الحصر. جرائم بشعة تحدث من بعض الخادمات بلا وازع من دين أو ضمير. ويجب أن يكون لدور حقوق الإنسان وسفارة ذلك البلد دور إيجابي مع العاملة وكفيلها لها أو عليها، فإن من أمن العقوبة أساء الأدب.. هذا فضلاً عن جرائم السرقة والهروب من المنزل والعمل الفوضوي تحت ستار الإيواء من بني جنسهن، مع ما يتبع ذلك من تصرفات لا أخلاقية تنشر الفساد في المجتمع. فهل بعد هذه الأحداث المؤلمة من معظم العاملات المنزلية سيقرر المجتمع الاستغناء عن الخادمة؟.. لا أظن ذلك فهن كما يقال شر لابد منه، ولكن الوقاية خير من العلاج. ولابد من الضرب بيد من حديد على كل من يعتدي على غيره ومحاكمته شرعاً حتى يأخذ الجزاء الرادع ويكون عبرة لمن تسول له نفسه التعدي على حدود الله ومحارمه، وخاصة التعدي على النفس والمال والعرض، أياً كانت ديانة المتعدي وجنسيته، وكل مقيم في بلد الإسلام فهو خاضع تحت حكمه. فهذه رسالة أزفها إلى كل مسئول عن الأمن أن يعمل على القضاء على الجريمة أياً كان نوعها، وأن يجعل كل مقيم ملتزما بما له أو عليه محترماً حقوق الآخرين، ومن كان لديه مظلمة فهناك جهات تعنى برد المظالم لأهلها، أما الأخذ بالثأر والاعتداء على الأنفس فليس من شريعة الإسلام، وكل مقيم لا يلتزم بأحكام الإسلام ولا يحترم حقوق الآخرين، ويشيع الفوضى في البلاد فحقه الطرد والإبعاد.. حمى الله بلاد الحرمين خاصة وبلاد المسلمين عامة من كل سوء ومكروه. [email protected] المعهد العالي للقضاء