لا يزال قطاع التأمين يأتي على رأس القطاعات الرابحة بسوق الأسهم، فخلال العام الأخير، حقق صعوداً بنسبة 67%، فهو القطاع الأعلى نشاطاً، والأعلى مضاربة والأكثر تدويراً تقريباً، ويراه البعض بأنه يلعب دوراً حيوياً في تنشيط حركة التداول لكثير من القطاعات الأخرى، وهو دائماً مسيطرعلى قائمة الشركات الأعلى صفقات إلا أنه مع ذلك، يُعتبر تقريباً الأعلى من حيث عدد الشركات الخاسرة، بل وهو القطاع الأقل من حيث الأداء المالي لشركاته، فلماذا تركز الأداء السلبي في شركات التأمين؟ وهل فعلاً عدد شركات التأمين المرخصة يُعتبر كبيراً وأعلى من الطاقة التأمينية المطلوبة للسوق المحلي؟ هيكل سوق التأمين السعودي يتكون هيكل السوق التأميني بالمملكة من حوالي 33 شركة مُرخصة، ونحو شركتين موافق على ترخيصها، ونحو 55 وسيطاً تأمينياً، وحوالي 31 وكيلاًً (أحدث إحصاءات)، ومن الأمور الجديرة بالملاحظة أن كافة شركات التأمين المُرخص لها تم إدراجها بسوق الأسهم، لدرجة أن البعض يتساءل هل تم تأسيس هذه الشركات خصيصاً لإدراجها بسوق الأسهم؟ وهل الإدراج بسوق الأسهم مغرٍ لهذه الدرجة؟ أيضاً من الملفت للنظر أنه لم يتم تأسيس شركات تأمين بشكل المساهمة المغلقة وظلت مغلقة، رغم أن شركات النشاط المالي والتمويلي هي الأكثر استخداماً لهذه الآلية في الطرح والتأسيس. ولكن السؤال الذي يثير نفسه: هل هذا العدد أكثر أم أقل من قدرة وطاقة السوق التأميني المحلي؟ بمعنى آخر، هل هذا العدد حقاً كما يشير البعض أكثر مما يجب، وأن طاقة السوق المحلي أقل من أن تستوعب هذا العدد من شركات التأمين؟ فسوق التأمين ظل لفترة طويلة سوق محتكر من قِبل الشركة الحكومية الوحيدة، وهي التعاونية للتأمين، وفجأة وخلال سنوات قليلة تحرك ليضم هذا العدد من شركات التأمين، وينبغي تذكر أن سوق التأمين أو النظرة لعمل التأمين في حد ذاتها قد تغيرت بالسوق المحلي كثيراً، فبعد أن كان ينظر بنوع من الريبة إلى التأمين في حد ذاته، ظهر التأمين التعاوني لكي يسهل انسياب العملية التأمينية، وخصوصاً قبولها شرعياً، لذلك فإن الحاجة للتأمين كانت موجودة من قبل، ولكن الإقبال على التأمين هو الذي يُعتبر أمراً مستحدثاً. شركات التأمين.. (61) شركة بالإمارات مقابل (33) بالسعودية دائماً ما يعزي المحللون الأداء المالي غير الجيد لشركات التأمين إلى أن عدد هذه الشركات المرخصة بالسوق هو أعلى من طاقة السوق المحلي، وأن هذه الشركات تأسست في ضوء طفرة أو نوع من التقليد للاستفادة من مزايا التمويل بسوق الأسهم.. إلا أن هذا الأمر ليس صحيحاً بكامله.. ودعنا نقارن عدد شركات التأمين بالسوق المحلي بمثيلتها بالسوق الإماراتي مثلاً، فعدد شركات التأمين بالإمارات وصل حتى نهاية 2011م إلى نحو 61 شركة، ووصل عدد الوكلاء إلى 11 وكيلاً، ونحو 170 وسيطاً، بإجمالي بلغ 242 شركة ووكيلاً ووسيطاً تأمينياً.. في المقابل، فقد بلغ عدد الشركات بالمملكة 33 شركة، ويوجد نحو 55 وسيطاً، وحوالي 31 وكيلاً، بإجمالي 119 شركة ووكيلاً ووسيطاً.. ولكن مع ذلك لا تُعاني شركات التأمين بالإمارات مما تعانيه بالسوق المحلي.. بل إن الجدول (3) يُوضح أمراً غريباً يدحض مبرر أن عدد شركات التأمين بالسوق السعودي أكبر من طاقة واحتياجات النشاط الاقتصادي، وهو أن الطاقة الاستيعابية للاقتصاد السعودى أعلى منها بالإمارات بطبيعة حجم الناتج المحلي الإجمالي الذي يُمثّل بالمملكة حوالي مرة ونصف المرة مثيله بالإمارات، كما أن عدد سكان المملكة يُعادل ثلاث مرات مثيله بالإمارات، حتى إن القوى العاملة بالمملكة تعادل مثيلها بالإمارات مرة وربع المرة تقريباً.. فإذا كان يعمل بالإمارات حوالي 242 شركة ووسيطاً ووكيلاً تأمينياً بالسوق الإماراتي، ولكن لا تعاني من أية مشكلات مالية مثلما تُعاني منه بالمملكة، فإن وجود عدد يعادل النصف تقريباً بالمملكة (119 شركة ووسيطاً ووكيلاً) يشير إلى أن طاقة السوق السعودي أعلى من العدد المتاح من شركات ووكالات ووسطاء التأمين، بل إن المشكلة تكمن في جوانب أخرى ينبغي حلها والنظر فيها. بل إن الجدول (3) يُوضح أن عدد شركات قطاع التأمين السعودي أقل من العدد المطلوب، وأن السوق قد يكون في حاجة إلى المزيد من الشركات.. وأحد أهم جوانب المشكلة أن غالبية شركات التأمين بالمملكة أسست لتقديم تغطية تأمينية في مجالي التأمين على السيارات والتأمين الطبي فقط، بشكل يجعل القطاعات الأخرى الهامة بالتأمين غير مغطاة وربما مهملة، وربما هناك مجالات تنتظر ولا تجد مقدمين لخدماتها التأمينية. ومن جانب آخر، فإن إجمالي الأقساط المكتتب فيها بالمملكة وصل في نهاية عام 2010م حوالي 16.4 مليار ريال، في المقابل فقد تجاوز حوالي 26 مليار ريال بالإمارات، وهو ما يؤكد على أن حجم التغطية التأمينية المستحقة بالسوق المحلي أعلى من الحالية كثيراً، ويؤكد أيضاً أن السوق في حاجة لمزيد من شركات التأمين.