سمو ولي العهد يعزّي ولي عهد دولة الكويت في وفاة الشيخ جابر مبارك صباح الناصر الصباح    15.07% نمو صادرات التجارة الدولية    وزير الداخلية يفتتح مؤتمر أبشر 2025    المملكة والهند توقعان اتفاقية للإعفاء المتبادل من متطلبات تأشيرة الإقامة القصيرة لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية والخاصة والرسمية    القيادة تهنئ ملك مملكة بوتان بذكرى اليوم الوطني لبلاده    رينارد: نسعى لإنهاء مشاركتنا بأفضل صورة ممكنة في كأس العرب    الأخضر يختتم استعداده لمواجهة الإمارات في ختام مشاركته بكأس العرب    "الغامدي"يتوّج الجواد "يهمني"بكأس وزارة التعليم في موسم الطائف الشتوي    جلسة "منتجات سعودية مؤثرة" تستعرض نماذج نجاح وطنية ذات امتداد عالمي    الكلية التقنية بجدة تنتزع لقب بطولة النخبة الشاطئية للكرة الطائرة 2025    الفتح يتعادل إيجابياً مع النصر ودياً    رئيس الأكاديمية الأولمبية السعودية "بن جلوي"يشهد تكريم خريجي دبلوم الدراسات الأولمبية    حنان الغطيمل تحصد جائزة عالمية وضمن 100 قيادية    تفوق رقمي للأفلام مقابل رسوخ محلي للكتب والمكتبات    البكري تحذر من الإفراط في الاعتماد على الذكاء الاصطناعي    أمسية شعرية سعودية مصرية في معرض جدة للكتاب 2025    ضبط 952 كيلو أسماك فاسدة ببيشة    تصعيد ميداني ومواقف دولية تحذر من الضم والاستيطان    موسكو ومسارات السلام: بين التصعيد العسكري والبعد النووي للتسوية    باريس سان جرمان يحرز كأس القارات للأندية «إنتركونتيننتال»    القبض على 7 إثيوبيين في عسير لتهريبهم مواد مخدرة    التحليل اللساني لخطاب ولي العهد في واشنطن    أبو ملحة يشكر أمير عسير    أمير تبوك يطلع على نسب الإنجاز في المشروعات التي تنفذها أمانة المنطقة    الهيئة الملكية لمدينة الرياض تعلن نتائج القرعة الإلكترونية لمنصة التوازن العقاري    أمير جازان يدشّن انطلاق التصفيات الأولية لمسابقة الملك سلمان بن عبدالعزيز لحفظ القرآن الكريم    الطفل يضع بصمته في كتاب جدة 2025    نائب أمير المنطقة الشرقية يستقبل رئيس وأعضاء جمعية "تعافي"    محافظ الأحساء يرأس اجتماع برنامج المدن الصحية    "البيئة" تحذّر من الاحتطاب الجائر وتؤكد: عقوبات رادعة لحماية الغطاء النباتي    أمير حائل يستقبل قيادات شرطة المنطقة    لقاء ديوانية جمعية أكابر لكبار السن بمنطقة عسير لعام 2025م    الشؤون الإسلامية بالمدينة تشارك في البرنامج التوعوي "إنما يعمر مساجد الله من آمن" بمحافظة ينبع خلال شهر جمادى الآخرة    الشؤون الإسلامية بجازان تُنفّذ (555) جولة فنية في الجوامع والمساجد خلال شهر نوفمبر 2025م    نائب أمير منطقة مكة يستقبل وفد من أعضاء مجلس الشورى    جستر محايل تزور غرفة عمليات المدن الصحية بالمركز الشبابي    أمير منطقة الجوف يرأس اجتماع المحافظين الأول للعام 1447ه    وزير الخارجية يستقبل رئيس مجلس أمناء وأعضاء مركز أكسفورد للدراسات الإسلامية    المساحة الجيولوجية : الهزة الأرضية المسجلة اليوم بالمنطقة الشرقية لم تحدث خسائر    الهيئة العامة للنقل وجمعية الذوق العام تطلقان مبادرة "مشوارك صح"    صعود العقود الآجلة لخام النفط الأمريكي    مظلات المسجد النبوي.. تُحف وإبداع معماري    «إغاثي سلمان».. ورش عمل ومساعدات تعليمية وتقنية    «هيئة الحرمين» توفّر سوارًا تعريفيًا للأطفال    أمير نجران يُدشِّن مبادرة النقل الإسعافي للمرضى المحتاجين    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالصحافة يفتتح أحدث مركز للطب النووي والتصوير الجزيئي    تعليق الدراسة.. قرار تنظيمي تحكمه إجراءات ومعايير واضحة    السعودية تعزز التعاون الدولي في التحول الرقمي    إطلاق برنامج «خبراء التطوير المهني» التعليمي    أمينة العنزي: أول رائدة في مجال الصقارة بالحدود الشمالية    «المطوف الرقمي».. خدمات ذكية لتيسير أداء المناسك    الحياة الفطرية يطور الحوكمة ب« الثقوب الزرقاء»    فوز المملكة برئاسة اتحاد إذاعات الدول العربية    «أمهات المختطفين»: عذبوا المحتجزين.. مطالبة باستبعاد مسؤولين حوثيين من مفاوضات مسقط    الصحة العالمية: ظهور سلالة فيروسية جديدة للإنفلونزا    5 أشياء في منزلك تزيد من خطر السرطان    ساركوزي قد يمثل أمام القضاء مجدداً بشبهة التلاعب بالشهود    ترامب وقع أوامر تنفيذية في أقل من عام أكثر ممّا وقعه في ولايته الأولى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإبداع أساس التحضر
نشر في الجزيرة يوم 20 - 09 - 2012

يعتقد كثير من العلماء والمنظرين اعتقاداً متيناً أن الوقت قد حان ليستقر في أذهاننا أن القومية القطرية أو العربية الجامعة كما نعرفها اليوم لم تتحقق في العصور السابقة القديمة منها والوسطى، وإنما هي من معالم العصر الحديث، ومعنى هذا بالتالي أنها لن توجد اليوم إلا عندما يتحدث مجتمعها وينسجم مع مقومات الحداثة.
لقد كانت القومية من نتائج التغيرات العميقة والعقلية السياسية، وأنشأت العالم الحديث، كما أنها غدت في الوقت نفسه سبباً من أسباب هذا الانتقال البارز والتطور النوعي الجديد.
لم يرد ذلك المفهوم في أدبياتنا الماضية، بما فيها عصور حضارتنا العربية الزاهية، وإنما بدأ يظهر في زمن نهضتنا منذ شرعنا في أواخر القرن الماضي ننشد حريتنا واستقلالنا وبناء كياننا الجديد؛ فالكلمات لا تتكون ولا تنتشر قبل أن تظهر أصولها الموضوعية، أو قبل أن يتولد في النفس أو في الخيال التوق إلى هذه الأصول، وهي أن القومية كانت معروفة ومنتشرة في أذهان أسلافنا عندما غالب ذلك النص العربي الرائد والشهير (مقدمة ابن خلدون)، التي حاول صاحبها في آخر عهود الحضارة الإسلامية استقراء مسار التاريخ البشري (أو حسب تعبيره طبيعة العمران)، وإبراز دور العصبية (وهي غير القومية) في تحديد هذا المسار.
كانت المؤسسات الطاغية في الحكم والاجتماع في القرون الوسطى هي الكنيسة والإقطاع من قِبل الحكام المستبدين، ومنذ القرن الرابع عشر الميلادي بدأت تقوم أحداث وتغيرات جوهرية، وإنما بدأت تظهر في زمن نهضتنا منذ أن شرعنا في أواخر القرن الماضي ننشد حريتنا وبناء كياننا أو كياناتنا الجديدة؛ فالكلمات لا تتكون ولا تنشر قبل أن تظهر أصولها الموضوعية أو قبل أن تتولد في النفس.
المجتمعات الغربية أخذت تتطور وتتفاعل فيما بينها إلى أن أصبحت تيارات جارفة؛ فأوجدت عالماً جديداً غير منقطع من أصوله السابقة، لكنه مختلف عنها نوعياً، ولذاته سمات خاصة. فمن هذه الأحداث الضخمة الثورة الجغرافية التي أطلقت بعض الجماعات الأوروبية من إيطاليين وإسبان وبرتغاليين ثم هولنديين وبريطانيين وسواهم من بلادهم الأصلية؛ ليقتحموا دورهم ويكسبوا لحكامهم مناطق وأسواقاً جديدة، وليجلبوا لمجتمعاتهم بضائع وطرائق لم يكن لهم بها عهد؛ فارتفعت ثرواتهم، واتسعت آفاقهم، وكوَّنوا «طبقات وسطى»، أخذت تتفلت من قيود الإقطاع والكنسية، وتحالف الحكام وتبسط سلطاتها على الطبقات الدنيا وفي المجتمعات بوجه عام.
وتلت هذه الثورة ورافقتها ثورة عقلانية، بدأت في عصور النهضة، وزهت في عصور «التنوير»، وقادها عدد كبير من الفنانين والأدباء والعلماء؛ فضعضعت الحكم الكنيسي، ورفعت لواء المستقبل في الحكم على الظواهر، وصاحبتها حركة الإصلاح الديني التي ثارت على سيطرة باباوات روما وأتباعهم المنتشرين في الغرب، وشاركت الثورة العقلانية في مناهضة استئثار الكنيسة في تفتيح العقول وانتشار المعارف.
وأدت هذه الحركات والتغيرات إلى قيام قادة يحكمون مناطق جغرافية معينة لها خصائصها الطبيعية والعرقية والثقافية، واشتعلت بين هؤلاء القادة حروب دينية وتوسعية، ساهمت في قيام دول متمايزة ومصالح متقاربة، وما لبثت هذه التطورات أن جابهت الاستبداد لرجال الكنيسة المطلق، وتغلبت عليه، إما بالتطور الدستوري كما حدث في بريطانيا أو بالثورة المتفجرة اللاهبة كما في الثورة الفرنسية، التي نشأت عليها الدولة القومية (دولة عامة المواطنين)، ويتخذها بعض المؤرخين عاملاً بارزاً بين الأزمنة الحديثة والأزمنة الماضية.
ومن غربي أوروبا انتشر هذا الوضع القومي إلى شرقيها وإلى سائر أصقاع المعمورة، وكان محركاً بارزاً إن لم نقل المحرك البارز في أحداث أوروبا والعالم أجمع، وبقيت أوروبا؛ فاتخذ هذا الوضع نحواً توحيدياً ثم توسعياً مشوباً بالشوفونية، وغدا في القرن التاسع عشر حتى أواخر الحرب العالمية الثانية الدافع الأقوى لتنافس الدول الأوروبية في قارتها ثم لامتدادها خارج تلك القارة، وتسابقها إلى إنشاء مستعمراتها وتوطيدها في المجتمعات غير الغربية، ثم نشوب الحروب المتصلة الإقليمية والعالمية كالحربين العالميتين الأولى والثانية اللتين هزتا الشعوب والحضارات هزًّا عنيفاً، وفجرت أركانها وأوضاعها، وفي الوقت نفسه سرى الوعي القومي إلى المجتمعات خارج أوروبا، وأخذ يذكي أحاسيسها بهواياتها الخاصة، ويغذي طموحاتها، ويلهب ثوراتها على الحكومات الغربية المستعمرة لها. من هنا نشأت وانتشرت حركة مناهضة الاستعمار، التي أدت إلى استقلال أكثر المجتمعات المستعمَرَة، وإلى الاعتراف الدولي بهذا الاستقلال بقبول العديد من الدول الجديدة في عضوية الأمم المتحدة.
التفاتة: تاج القيصر لا يحميه من الصداع.
- الرياض


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.