إن المقياس الحقيقي لحضارات الأمم ورقيها يكمن في تراثها وتاريخها وثقافتها ووعيها بذلك، ولا مندوحة من التأكيد على اهتمام الخدمات ومراكز البحث في بلادنا بدعم حركة البحث العلمي وتطويرها على أسس علمية وتشجيع الباحثين والدارسين على مختلف المستويات العلمية والأكاديمية وإبراز كل ما يثري الفكر والبحث والمعرفة والمسيرة العلمية الحضارية والحفاظ على التراث ويفيض التراث العربي الإسلامي بأسماء الأماكن والمواضع والبقاع ويزخر الشعر بأسماء الجبال والأودية والرياض وموارد المياه والأماكن التاريخية وغيرها. وحينما نلقي نظرة على الشعر العربي نجده زاخراً بتلك الأسماء ويشير إليها.. وقلما يدرك القارئ اليوم معرفة بتلك البقاع والأماكن حينما يقرأها في قصائد الشعراء ويضطر للرجوع إلى المعاجم القديمة لتحديد ومعرفة تلك البقاع والأماكن فقد تعرض الكثير منها إلى التغير والتحريف، ولقد انبرى عدد من الباحثين ونخبة من المؤرخين والجغرافيين للعمل على إزالة ما اعترى تلك الأسماء من إيضاح وتحديد تلك المسميات في عدد من المعاجم الجغرافية وهو عمل يستحق التقدير والإشارة، ويعتبر ذلك مهما للمؤرخ والجغرافي والإذاعي والأديب وغيرهم. لقد خلف الشعراء منذ العصر الجاهلي في قصائدهم أسماء كثيرة للبقاع والمعالم والهضاب والأودية والجبال وموارد المياه ومواضع طرق الحاج وغيرها، ونجد ذلك في شعر امرئ القيس وزهير بن أبي سلمى وحسان بن ثابت وجرير والفرزدق وذو الرمة وغيرهم من الشعراء الذين انطلقت فيها قرائحهم وأخيلتهم وزخرت بها جوانب التاريخ وكتب المنازل والديار. ولقد تكررت أسماء الأماكن والبلدان والمواضع في كثير من قصائد الشعراء وكتب المنازل والديار، واشترك أكثر من مكان في اسم واحد رغم تباعد الأماكن التي يعللها الباحثون بتنقل القبائل العربية والشعراء من مكان إلى مكان آخر فيحملون معهم الأسماء، وهنا تبرز الأهمية بضبط أسماء الأماكن والمراجع. عضو جمعية التاريخ بجامعات دول مجلس التعاون باحث في أدب الرحلات