هذا الكتاب من أهم كتب التاريخ التي دونت لتاريخ قيام الدولة السعودية الأولى ونموها واتساع مداها وبزوغ فجر الدعوة السلفية وانتشار شمسها وضحاها وهو للمؤرخ الشيخ عثمان بن عبدالله بن بشر المتوفي 1290ه وما زال من أغنى المصادر التاريخية عن الدولة السعودية الأولى ومن تحقيق الشيخ عبدالرحمن بن عبداللطيف آل الشيخ وأتى في جزئين. وتأتي أهمية الكتاب في أن المؤلف معاصر لمعظم الحوادث وهو سجل دقيق للمواقع والحروب، والكتاب موسوعة تاريخية محلية حافلة بأسماء القبائل والعشائر والأماكن التاريخية والجغرافية والمدن والعلماء في منطقة نجد، ولقد نشأ المؤلف في بيئة علمية مكنته من الاطلاع والإلمام بالتاريخ مما أعانه على كتابه واستفاد من المؤرخين الذين سبقوه كابن غنام في تدوين كتابه وقامت الدارة بعمل العناوين والفهارس التفصيلية الشاملة وأتى في طبعة أنيقة منقحة وفي ثوب جذاب ومشوق مما يغري الكثيرين ويحفزهم على قراءته. ولقد جاءت التعليقات ذات فائدة وجدوى والإشارة إلى المواقع والأحداث التاريخية والغزوات والوفيات وتوضيح بعض التراجم وقد استخدم أسلوب الحوليات في الأحداث التاريخية وركز على النواحي العسكرية والسياسية والاجتماعية وجعل بداية تاريخه من السنة التي اتفق فيها الشيخ محمد بن عبدالوهاب مع الأمير محمد بن سعود على نشر الدعوة ولم يهمل ما وقع في نجد من أحداث قبل ذلك فدون في تاريخه وقد بدأ بذكر تلك الأحداث منذ سنة 850ه حتى أحداث سنة 1267ه مضيفاً إلى هذا ما يحدث من حوادث معاصرة في بعض المناطق المجاورة. لقد حظي تاريخ ابن بشر بعناية المؤرخين بالاعتماد عليه والنقل عنه وقد سبق طبعه عدة مرات وطبع مختصراً في بغداد سنة 1328ه ثم في الهند وطبع في سنة 1349ه على نفقة الشيخ محمد نصيف في مكةالمكرمة ثم طبع في مصر سنة 1373ه على نفقة الأستاذ عبدالمحسن أبابطين صاحب المكتبة الأهلية في الرياض ثم قامت وزارة المعارف بطباعته في سنة 1387ه ثم طبع عدة طبعات تجارية سنة 1385ه - وسنة 1388ه - وسنة 1389ه وطرح للبيع في المكتبات التجارية حتى جاءت طباعة الدارة له فاخرة ودقيقة في جزئين الهدف منها الفائدة والبحث التاريخي، حيث إنه كتاب يجسد ويبحث في صميم تراثنا وتاريخنا الذي يجب أن نأخذه بالعناية والاهتمام ونقدمه للقراء دقيقاً وسليماً على حقيقته وإعطاء هذا الجانب ما يستحقه من التحقيق والرجوع إلى المصادر مما سيفيد القارئ والمتخصص في جانب من جوانب التاريخ ويوفر عليه عناء البحث ومشقة الوصول لبغيته بما اشتملت عليه هذه الطبعة من عناوين وفهارس وتبويب للكتاب. ولعل أهمية هذا الكتاب التاريخي تتمثل في نواح عدة حيث اهتمامه بمؤلفات من سبقه من المؤرخين خاصة وأن جزءاً كبيراً منها مفقود وذكره للحوادث والأخبار على أسلوب الحوليات وذكر ما سبقه من أحداث حيث استعرض ما حدث في نجد من القرن التاسع الهجري إلى سنة 1157ه، ولقد أشار الدكتور عبدالعزيز الخويطر في كتاب (عثمان بن بشر منهجه ومصادره) إلى أن فائدة الحقائق التي أوردها ابن بشر عن هذه الفترة تأتي من ناحيتين: الأولى أنه ليس بين أيدينا ما هو أوفى منها عنها، والثانية: أن ابن بشر معاصر لمعظمها. وبالجملة فهذا الكتاب من أوائل المؤلفات ذات العلاقة ببدء التدوين التاريخي المحلي وفق الله الجميع لخدمة تاريخنا وتراثنا العربي الإسلامي والله ولي التوفيق.