اعترف رئيس لجنة الانضباط الأستاذ صالح الخضر بطريقة غير مباشرة أثناء استضافته في برنامج (المنصة) بأن اللجنة لا تستطيع بأعضائها الخمسة غير المتفرغين أن تلم وتتابع كل ما يحدث في مباريات أكثر من 150 نادياً في دوري الدرجات المختلفة ومعها مسابقات الفئات السنية, وزاد على ذلك بأن الآلية المتبعة في تحديد المخالفات التي تستدعي اجتماع اللجنة لمناقشة تفاصيلها واتخاذ القرارات المناسبة لها ليست عملية ولا تحقق مبدأ العدالة وتكافؤ الفرص بين الجميع, الأمر الذي دفعه إلى رفع مقترح لاتحاد الكرة المؤقت لتشكيل جهاز ادعاء مهمته متابعة الأحداث وفرز ما يستحق النظر فيه من قبل لجنة الانضباط.. خلاصة ما فهمناه من إجاباته -رغم محاولاته تغليفها بغموض وتجميل محامي الدفاع- أن الرجل غير مقتنع بالأسلوب الذي تؤدي فيه اللجنة مهام عملها, كما أن الظروف والإمكانات والكوادر لا تساعدها على النجاح, وهو بذلك من حيث يدري أو لا يدري يصف حال بقية اللجان طالما أنها تعاني من نفس الإشكالية مالياً وإدارياً وتنظيمياً, وبالتالي نحن أمام كرة سعودية تدار بالقناعات والاجتهادات الشخصية البعيدة كل البعد عن اسم وشكل ومفهوم الاحتراف أو على الأقل شيئاً مما كنا عليه أيام الهواية.. الخضر لم يتبق إلا أن يقول: (تراكم غثيتونا, عندنا ارتباطات أسرية والتزامات وظيفية هي مصدر رزقنا, ما حنا فاضيين لكم وللجنة ما وراها إلا القلق والأرق ووجع الراس) ولو قالها لن نلومه على ذلك, ولكم أن تتخيلوا نتائج ومخرجات هكذا أجواء مزعجة مربكة غير صحية على كرة تبحث عن أية وسيلة تنقذها وتصحح مسارها, بعد سنوات إخفاق وضياع لا تليق بسمعة ومكانة وطموحات وتاريخ وإنجازات المملكة العربية السعودية.. كل الترتيبات والتنظيمات فيما يتعلق باتحاد الكرة حتى لو تم انتخاب أعضائه ستظل شكلية وغير مجدية ما لم يكن هنالك نظام رسمي حكومي يسمح لرئيس وأعضاء الاتحاد واللجان التابعة له بالتفرغ الكامل لأداء مسؤولياتهم في أجواء عملية مريحة ومحفزة للإبداع والإنتاج, وباستقلالية تامة تبعدهم عن أية ازدواجية أو تداخل مع مهام أخرى, وهذا الإجراء يتيح للجهات الرقابية متابعتهم ومحاسبتهم على أي إهمال أو تقصير, بينما يصعب بل يستحيل ذلك على العمل التطوعي كما هو حاصل في لجان الاتحاد الحالية. خذوا العلم من الرابطة في هذا الصدد ومن واقع تجربة ومعايشة سواء عند ما كنت عضواً في لجنة الإعلام والإحصاء أو حالياً كمتعاون مع رابطة دوري المحترفين للدرجة الأولى, فقد لمست الفرق الشاسع بين التطوع هناك ونجاح التفرغ هنا في الرابطة وتأثيره على تفوق عدد من الموظفين الشباب المتخصصين بعد استقطابهم وتأهيلهم أكاديمياً وتدريبياً للعمل في رابطة دوري زين للمحترفين, وكيف استطاعوا بفترة وجيزة إدارة أقسام الرابطة بأسلوب احترافي مؤسسي منتج ومفيد اختصروا بموجبه الكثير من الوقت والجهد والتعب, إضافة إلى أنها قدمت لنا نموذجاً في معنى وقيمة وكيفية استثمار شباب الوطن وبناء الإنسان السعودي وتوسيع قاعدة جيل الحاضر ورجال المستقبل وصولاً إلى أعلى وأهم وأكبر المناصب قارياً ودولياً ليس في المجال الرياضي فقط وإنما في سائر القطاعات ومختلف المهن والتخصصات.. أخيراً (من يطلب الحسناء لم يغله المهر) وإذا كنا نريد بالفعل العودة بالكرة السعودية إلى سنوات ازدهارها وإنجازاتها وعصرها الذهبي فعلينا أن نعمل بجد وإتقان ونتعامل مع هموم وشؤون وشجون وفنون الكرة باعتبارها صناعة وعلم واستثمار وليست مجرد لعبة للتسلية والترفيه وتمضية الوقت.. لا جديد الفوز الهلالي العريض والمستحق على شقيقه النصر لم يجدد ذات العقدة فحسب وإنما كشف جزءا مهما من معاناة الهلال التي تكمن غالبا بمزاج لاعبيه, فهم وحدهم من يملك قرار الفوز والخسارة, الحضور والغياب بحسب ما يمليه مزاجهم تجاه هذه المباراة أو تلك.. الهلال افتقد في الموسمين الأخيرين ما كان ينفرد به من قبل, حيث الروح القتالية والأداء بانضباطية بلا تمييز بين فريق وآخر, ومن يدقق النظر في تراجع وهبوط مستوى عدد من نجومه سيجد أن مرد ذلك هو التعالي وأحيانا اللامبالاة في مباريات بعينها وخصوصا أمام الفرق غير المنافسة, لذلك ننصح إدارة الهلال وقبل الدخول في معترك الحسم في الآسيوية أن تعيد حساباته والتخلص من التدليل والتدليع والتهاون مع كل من يضرب بمصلحة النادي ومشاعر الجماهير عرض الحائط.. في المقابل أثبت النصر بسقوطه المتكرر أمام منافسه التقليدي الهلال حتى في عز تراجع الأخير أنه يحتاج لعمل شاق وكبير في الشأن الإداري والإعلامي والنفسي أكثر من الفني, وأن أسلوب التغني به وتخديره وتهويله من أنصاره ومحبيه وبالذات على الصعيد الإعلامي كان سببا في توريطه وتعطيله في وقت أحوج ما يكون فيه للنقد الصريح وتشخيص أمراضه وعيوبه وأخطائه.. [email protected]