أمس السبت عاد للمدن وهج الحركة, وعنفوان الجيل، وهم يتجهون لمدارسهم، وجامعاتهم ثللاً, وجماعات، وأفراداً.. بمثلهم فعل المعلمون, وأساتذة الجامعات، ومن تمتّع بإجازته.. والشوارع لم يتغيّر وجهها، بمعنى أنه لم يَعُد لهم مسارات جديدة، ولا وسائل نقل متنوّعة، ولا مظلاّت تقي سائقيهم، أو مرافقيهم حرقة الشمس.. أو تقيهم.. لا زالوا يتجهون للطرق الخلفية، والمنعرجة ليتّقوا الازدحام، واختناق الإشارات.. ولا يزالون يمرّون بالبسطاء من الذين ينظفون لهم الشوارع، أو يسقون خضرتها الممتدة على غير طبع لمدينة صحراوية، تضربها الشمس وتعجُّ فيها الريح, وتثور الأتربة.., وهم يتلفّعون خمرهم، ويضربونها على وجوههم.. تقية الأغبرة وصهد الحرارة من قبل..! ولا يزالون تدور في مخيلاتهم أسئلة كثيرة، في مقدمتها: ما الذي استجدّ في مدارسنا.. وجامعاتنا، ومعاهدنا، ومراكز تدريبنا.. ومواقع أعمالنا..؟ فإذا الفصول في المدارس مثلاً, كما هي، أغلبها تشكو هجرتهم خلال الصيف، على الأقل كانت تُلمَّع مقاعدها، وساحاتها تُزال عنها الأتربة، أما وقد غابوا، فقد غاب عنها مع الصوت، الوجه النظيف.. لا يزال حرّاس المدارس وفي أيديهم سلاسل المفاتيح كلما دخلت مجموعات أو أفراد أحكموا الإغلاق.. ولا تزال اليوم تلك الفجوة في النفس بين فرحة لقاء الرفقاء، والزملاء بالأمس تخيم عليها هجدة الانتعاش الراكنة بعمق في الصدور.. وبوادر الملل تحوم.. اليوم، تخيب كثير من الأمنيات.. إذ فيه كما فقّاعة الصابون انطفأت بهجة الأمس، ليعود كلٌ إلى حمولته..! فمن يصنع البهجة ويحرسها..؟ ليتعلّم الناشئة، ويعمل المسترزق، ويجتهد المكافح في أجواء فاعلة لرضاه، محققة لراحته، مشجعة على بذله أخذاً وعطاءً..؟ عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855