حذرت منظمة الأغذية العالمية الفاو من حدوث أزمة غذائية وشيكة بسبب موجة الجفاف التي تضرب مناطق زراعية مهمة في العالم خصوصاً في أمريكا، وازدادات وتيرة التحذيرات بعد أن خفضت وزارة الزراعة الأمريكية من حجم انتاج بعض السلع الرئيسية بسبب الجفاف.. وعلى الفور قالت مجموعة العشرين أنها ستعمل على التنسيق فيما بينها وأنها بصدد عقد اجتماع موسع من أجل تفادي آثار الأزمة المتوقعة فأخطر ما يهدد العالم اليوم هو تكرار نفس الإجراءات التي اتخذت أيان الأزمة الغذائية قبل أربعة أعوام حيث سارعت الكثير من الدول المنتجة للسلع الغذائية الرئيسية بالعالم إلى وقف تصديرها مما دفع بالأسعار لمستويات جنونية رفعت من مستوى المجاعة العالمي عدداً ورقعة جغرافيةً في وقتها.. وأطلق برنامج الغذاء العالمي للمساعدات في وقتها نداء إغاثة لتوفير قرابة مليار دولار قدمت المملكة نصفها فيما لم تقم الدول التي تعد منتجاً بارزاً للسلع والسبب برفع الأسعار نتيجة وقف التصدير بأي دور يذكر سوى التباكي على الفقراء الجائعين بمؤتمر باريس الذي أرسل مساعدات خطابية كان فقط حزماً من التحذير من المجاعة وآثارها. فاليوم يبدو الدرس السابق عالقاً بالأذهان وهذا ما دعا رئيس وزراء بريطانيا لإنقاذ الأطفال من المجاعة بالدول الفقيرة خصوصاً بإفريقيا ففي العالم مليار جائع وهذه وصمة عار في جبين الأمم إذ تتكدس الأموال وتتجه للمضاربات على السلع دون أن تذهب للاستثمار الزراعي بدول إفريقيا ذات الخصوبة المرتفعة ولا أن تبتعد هذه الأموال عن رفع أسعار السلع من جهة أخرى مستغلة الأخبار عن موجات الجفاق لترفع الأسعار لمستويات غير مسبوقة. إن دول مجموعة العشرين مطالبة ليس فقط بالتنسيق لمنع الاحتكار أو وقف التصدير للسلع الغذائية بل بتقديم الأموال للدول التي تملك إمكانيات زراعية ولا يتوفر لها التمويل وأن يتم ذلك وفق برنامج عالمي واسع وكبير يهدف لتشجيع الاستثمار الزراعي ولكبح المجاعة وتشغيل أبناء الدول الفقيرة فالغذاء يجب أن لا يكون من السلع التي تحتكر ويفترض أن تقوم الأممالمتحدة بإضافة أنظمة وقوانين تجرم الاحتكار الغذائي وتوقع عقوبات شديدة على أي دولة تحتكر سلعة غذائية وفق تصنيف يحدد تلك السلع كما يجب ضبط أسواق السلع الزراعية ومنع المضاربات عليها بوضع قيود على صناديق التحوط التي تضارب بها وأن يكون التنسيق العالمي كبيراً بهذا الجانب. الانتاج الغذائي العالمي كبير ومن الممكن توسيعه ومضاعفته إذا ما أخلصت الدول الكبرى إنتاجياً واقتصادياً النية نحو استقرار العالم غذائياً إلا أن ذلك يتطلب وزراً أممياً كبيراً يفرض نظاماً صارماً لمنع تجويع الناس أو ابتزاز الدول، فالأزمة المرتقبة على العالم أن يستعد لها جيداً لكن بمزيد من الأخلاق والنوايا الحسنة.