بدأت مفاهيم الإنسان القديم للعالم ترتسم وفق إشارات ورسوم,, إلى ان اهتدى للغة التي تحكي حقبا من التبلور في دلالات مجردة,, استقرت في ذاكرة الإنسانية طريقة أرقى للتفاهم. ولعل القوى السمعية والبصرية من أهم النوافذ على مناخات اللغة، فإن تعطلت إحداها انتقلت القوة الافتراضية فيها إلى الأخرى. من هنا أبدع مخترع طريقة برايل للمكفوفين في تقصده لحاسة اللمس التي تزداد عند الكفيف عنها عند المبصر. فهل انتبهنا إلى أي حاسة عند الصم والبكم انتقلت فاعلية السمع المفترضة وآلية النطق؟. إن طريقة التحاور الحالية مع هؤلاء ينقصها الكثير من المصداقية. إذ كيف لنا اختصار أنماط الكلام في بضع إشارات لا تعدو عن كونها تبيانا للحجم يصغر أو يكبر,, يطول أو يقصر,, في تقوقع لحركة اليدين الضحلة. ولعل احتمال اللبس لدى المتلقي أكبر من احتمال الفهم، إذ حتى المفردات البدائية من ألقاب القربى يقع فيها الخلط,, فإن عرف الأب والأم,, فكيف يدرك مفهوم العم والخال وابنائهما وبناتهما,, ناهيك عن المفاهيم التي يتحدى فهمها ذوي السمع والناطقين. ألا ينادينا صمت هؤلاء للاشفاق عليهم بالفعل في التفكير بأخص حاجاتهم بأسلوب برايل,, لا بالقول الذي نعده اختراعا ان سميناهم ذوي الحاجات الخاصة .