قذفت حجراً على العصافير التي في الشجرة. فهوى الحجر على أمنياتي. لم أعلم: هل الطارق لا زال واقفا خلف الباب أم ذهب في حال سبيله؟ المؤكد أن الحجر لا زال يهوي في أزمنة سحيقة. لعله يصادف أيضا ذكرياتي القديمة في طريقه. وأتمنى أن تستقر العصافير ولا تنفر من أغصانها. عدتُ سنوات إلى الوراء لكي أرى أهدافي. هل كانت بنفس الدقة التي أاراها الآن. أم أن موجات من عاصفة شمسية شلت شبكات الاتصالات فلم يعد من يتواصل مع الآخر! ولكن مواقع التواصل الاجتماعي وجدت لكي تبقي الكل متواصلين. ومازلت متواصلا مع مستقبلي على الرغم من أنني استيقظت حالا من سبات عشر سنوات مضت! أخشى من تغيير مفاجئ في حياتي لأن الحجر ارتطم قبل أن يصل إلى العصافير. لعلي أكون واثقا حينما أعلنت أنه اخترق سحابة تحلق حول الشجرة. هي الأحلام تأتيني في غير موعدها ودون سابق تنبؤ. والحياة تمضي دون أن نختار بداياتها ولا نعرف نهاياتها. ليس غريبا أن يحضر الناس في حياتنا فجأة، ثم يمضون ويختفون. الغريب أن ذكراهم تظل عالقة في عقولنا. هل يمكن أن يفسر هذا لماذا ينتظرني في آخر الممر زنجي في لباس فستقي غريب ؟ ويحمل حقيبة جلدية تنبعث منها رائحة عتيقة. تمتد الى عصور غابرة بين أدغال أفريقيا. حيث كانت صرخة (الكولتان) مدوية. فما من جهاز جوال في العالم إلا ويحمل صدى صرخة العذاب والتبعية. صرخات أناس تتقهقر الى أن تموت، لكي يعيش آخرون برفاهية وترف لا محدود.. وصلت إلى الزنجي، وكان محتاطا، فلما رآني قذف بالحقيبة بعيدا. وهرب راكضا بعدما نظر اليّ بتوجس. استغربت لذلك وتوجهت نحو الحقيبة ففتحتها ووجدت بها.... الحجر الذي قذفته ملطخا بالدماء!! الكولتان: مادة تصنع منها وصلات الهاتف الجوال وأجهزة كهربائية أخرى جدة