كانت «فوانيس رمضان» المصنوعة في الصين محل دهشة من الجميع عندما ظهرت في أسواق الدول الإسلامية.. وقد تعودنا الآن على منتجاتٍ صينية من كل نوع وشكل، بما في ذلك سجاجيد الصلاة التي تتوسطها بوصلة تحديد القبلة. وقد شاهدت منذ أيام مع أحد الأشخاص شيئاً لا أدري ما اسمه إن كان له اسم فهو بمثابة «عدَّاد» يحل محل «المسبحة» التقليدية.. ويمكن استخدامه بعد الصلاة أو في أي وقت من الأوقات لمساعدة من يريد أن يعرف عدد «التسبيحات» التي رفعها تعبداً لله وتقرباً منه بمساعدة الصينيين..!! عرفت فيما بعد أن الصينيين انتجوا أدوات تساعد على قراءة القرآن أو الاستماع إلى قراءات اشهر المقرئين.. وهي أدوات سهلة الاستخدام يمكن حتى لغير المتعلمين استخدامها بكل يسر..! ومعلومٌ أن المنتجات الصينية غزت أسواق العالم أجمع، وهي تُباع بأرخص الأسعار. وليس صحيحاً أن جميع المنتجات الصينية رديئة ومنخفضة الجودة؛ فالمنتجون الصينيون ينتجون حسب الطلب وحسب إمكانات ورغبات المشتري. وإذارأيت بضاعة صينية رديئة فاعلم أنها مستوردة حسب المواصفات التي حددها وطلبها التاجر الذي استوردها. لكن العجيب هو ان هذه المستوردات الصينية قد التهمت المنتجات التقليدية في كل مكان. وقد سمعت من بعض الإخوة المصريين أن الصناعات الصينية تنافس بشراسة ما هو موجود في أسواق خان الخليلي، وخصوصاً في أوقات المناسبات مثل رمضان والأعياد، حتى أن «فوانيس رمضان» التقليدية التي اشتهر الحرفيون المصريون بإنتاجها تراجعت أمام المنافسة الشرسة من «الفوانيس الرمضانية الصينية»..! وفي موسم الكرسمس وأعياد رأس السنة تهجم المنتجات الصينية وتكتسح أسواق المجتمعات التي تحتفل بهذه المناسبات. وأذكر قبل سنوات أن إحدى المحطات التلفزيونية الأجنبية عرضت تقريراً طريفاً، ولكنه محزن، عن قرية مكسيكية تقع على الحدود مع الولاياتالمتحدة يعيش أهلها على إنتاج وبيع المنتجات التي تُستخدم في أعياد الميلاد والكرسمس وتُصَدَّر إلى الأسواق الأمريكية المجاورة. ولكن مع بروز ظاهرة المنتجات الصينية بارت منتجات القرية المكسيكية أمام المنتجات الصينية الرخيصة التي وجدت طريقها إلى الأسواق الأمريكية، وكانت النتيجة أن أهل القرية وجدوا أنفسهم بين عشية وضحاها بلا مورد رزق. ومن الغريب أن بعض المنتجات التقليدية العريقة في وطننا العربي بدأت هي الأخرى تواجه منافسة من المنتجات الصينية. ولعلكم قرأتم ما نشرته بعض الصحف من أن الصينيين صاروا يصدرون «الجنابي» اليمانية إلى اليمن..! وحتى الرموز الوطنية صارت مهددة من المنتجات الصينية، وقد كانت الملابس الرياضية للفريق الأمريكي المشارك في الألعاب الأولمبية في لندن موضع جدل حاد في أمريكا بعدما تبين أنها تحمل مُلصقاً صغيرا كُتب عليه «صُنع في الصين».. وقد طالب رئيس الأغلبية الديموقراطية بمجلس الشيوخ الأمريكي بإحراق هذه الملابس واستبدالها بصناعة أمريكية!! إنهم يشتكون من المنافسة الصينية حتى في أمريكا ويطالبون بالحد من استيراد السلع الصينية. ولكن، هل يحق لأحد أن يشكو من هذه المنافسة ومن غزو المنتجات الصينية لأسواق العالم؟ أعتقد أن الصين تجني ثمرة اجتهادها وكفاءة شعبها واستغلال إمكاناتها البشرية والطبيعية. وفي عالم اليوم يجب إلا يكون هناك مكان إلا لمن يستطيع المنافسة. وما لم تنتهك الصادرات الصينية قواعد المنافسة العادلة فليس لأحد أن يطالب بوضع قيود عليها. فالشكوى هي وسيلة العاجزين.. وعلى أمريكا وغيرها احترام قواعد اللعبة التجارية في دنيا «العولمة» التي اخترعوها بأنفسهم..! [email protected] ص.ب 105727 - رمز بريدي 11656 - الرياض