يقولون في أيام الأزمات المالية واحمرار البورصات عليك باقتناص الأسهم التي تعطي توزيعات أرباح بصفة دورية. فعلى الأقل لو اشتريتها بثمن مرتفع فتوزيعات الأرباح ستؤمن لك تدفقًا نقديًا مستمرًا وهذا ما سيجعلها أقل خطورة. ولكن كم من صغار المستثمرين لا يعرف أعلى 10 شركات عندنا في توزيع الأرباح بصفة دورية؟ لماذا لا تتطوع بيوت الوساطة المالية عندنا، وما أكثرها، من هيكلة مؤشر يصنَّف لنا أكثر الشركات تقديمًا للتوزيعات الدورية؟ فالشركة التي ستطوّر هذا المؤشر ستستفيد من الناحية الترويجية فضلاً عن زيادة التوعية الاستثمارية للمجتمع المالي عندنا التي ستنعكس على زيادة التداولات على الشركات التي ستدخل قائمة هذا المؤشر. فمن الناحية التاريخية فإن التوزيعات الدورية محببة من قبل المستثمرين. ويستقرئ المستثمرون عدة مؤشرات من ذلك: 1) أن هذه شركات بلغت مرحلة الذروة في نموها وعليه قد تنخفض توزيعاتها في المرحلة القادمة وسنتطرَّق لهذه النقطة بتوسع بعد قليل. 2) هذه التوزيعات قد تعني أن أسعار هذه الشركات متداولة بأقل من قيمتها الحقيقية وعليه فإن قيمتها لا بد من أن ترتفع. 3) يتم هيكلة صناديق استثمارية يتم ترويجها من قبل مديريها بأنها تستهدف الشركات التي تقدم توزيعات أرباح عالية. وعلى النقيض من ذلك فإن الشركات التي تعطي توزيعات منخفضة فإن المستثمرين يستقرئون من ذلك أن: 1) سعرها مبالغ فيه. 2) أو أن التوزيعات المستقبلية ستكون أعلى (لأن الشركة تستثمر في مشروعات حالية لم تدخل مرحلة الإنتاجية بعد). وما يلاحظ الآن أن منطقة الخليج تقدم توزيعات أرباح عالية جدًا هذه الأيام مقارنة مع الأسواق الناشئة التي لديها مؤشرا خاصًا بها. فمعدل توزيعات الأرباح لمؤشر (iShares MSCI EM) للأسواق الناشئة يصل إلى 2.15 في المئة. فكما ترون من الرسم البياني أدناه والصادر قبل أيام من مصرف «كوديكسا كابيتال» الأمريكي فإن معدل توزيعات الأرباح في البحرين وصل إلى 5.5 في المئة وفي السعودية وصل إلى 3.8 في المئة. وهذه بالتأكيد توزيعات عالية، بحسب المقاييس العالميّة. فالمتعارف عليه أن الأسواق الناشئة، التي تُعدُّ السعودية من ضمنها، توزع أرباح منخفضة لأنَّ الشركات تفضَّل الاحتفاظ بأرباحها من أجل استثمارها في مشروعات تجلب النمو لها في المستقبل ولكن الذي يجري عندنا هو أن هذه الشركات تقوم بتوزيع هذه الأرباح على المساهمين. هل يعني ذلك أن كبار المساهمين يؤثرون على المديرين التنفيذببن من أجل توزيع الأرباح؟ أو أن هذا يعني أن القطاعات التي تنافس فيها هذه الشركات أصبحت المنافسة فيها متشبعة؟ أيًا كان السبب الحقيقي هنا فإن على هذه الشركات أن تحتفظ بهذه التوزيعات وتستثمرها عبر النفاذ إلى أسواق خارجية. الأمر الذي سيعود بالنَّفع على المساهمين في المستقبل البعيد. ولكن هل هذه الثقافة أصبحت «متغلغلة» عند المساهمين؟ [email protected] * متخصص في هيكلة الصكوك.. وخبير مالية إسلامية لمجموعة «أدكوم آكادمي» / المصرفية في الولاياتالمتحدة الامريكية