«يا لها من طريقة ذكية! ذلك أن تقوم شركة ما بإصدار سندات إسلامية بغرض استخدام أموال حملة الصكوك لتوزيع أرباح نقدية على مساهميها!». هذه هي الكلمات التي خطرت على بالي بعد أن نقلت وسائل الإعلام الشرق آسيوية توقعات محللين تفيد بأن شركة (Maxis) للاتصالات قد تنوي توزيع ما وصفوه بأرباح نقدية «خاصة» بعد أن كشفت الشركة الماليزية عن نيتها طرح صكوك بقيمة 2.45 مليار رنجنت. وتساءلتُ في نفس الوقت إذا تم تطبيق هذه الطريقة الذكية في استغلال أموال حملة الصكوك في منطقتنا الخليجية. إلى الآن وأنا أحاول أن أعرف السبب في جعل هؤلاء المحللين «يتكهنون» باحتمالية حدوث ما أسميه «تلاعبًا» بأموال حملة الصكوك. فهل لأنَّ هذه الصكوك قائمة على هيكل «المشاركة» يجعل مساهمي الشركة، وبشكل تلقائي، «يتشاركون» هذه الأموال؟. وهل سبق أن شهد هؤلاء المحللون في وقت سابق حالات يتم فيها استخدام أموال حملة الصكوك لتوزيع أرباح على المساهمين؟ وإذا افترضنا أن ذلك قد حدث فإن ذلك يعني أن هناك ضعفًا بالحوكمة من جهة الشركة المصدَرة لمثل هذه الصكوك وكذلك البنوك الاستثمارية التي أدارت عملية الإصدار. وهذا يعني أن حملة الصكوك قد تم خداعهم ليعتقدوا أن أموالهم ستستخدم في مشاريع وأصول تدر دخلاً على حملة الصكوك وكذلك الشركة المصدرة لها. ولكي نفهم خطورة الموقف بطريقة أفضل فإن على الشركة المصدرة لهذه الصكوك أن «تُنمي» وتستثمر هذه الأموال لكي ترجع هذه الأموال لحملة الأوراق المالية عندما يحين موعد إطفائها. ويذكرني هذا الموقف بنظرية (Agency Theory) التي تنظر بعمق في الخلافات التي تدب بين المساهمين وحملت الديون. وهي ما نطلق عليها تضارب المصالح بين الطرفين الذي يحاول «الاغتناء» على حساب الآخر. فعلى سبيل المثال قد يحاول كبار المساهمين الضغط على الإدارة من أجل توجيه أموال حملة السندات التقليدية نحو مشاريع عالية الخطورة وذلك بغرض الحصول على أرباح أكثر. فالمساهمون يعرفون أن حملة السندات الربوية سيحصلون على أرباح «ثابتة» بينما يحصلون هم على أرباح قياسية في حالة نجاح هذه المشاريع البالغة الخطورة. إما في حالة فشل هذه المشاريع فإن حملة السندات سيدفعون الثمن بعد أن تفشل الشركة في الوفاء بالتزاماتها المالية. وهنا تضطر الشركة للتعثر عن السداد. ولذلك على مستثمرينا وبنوكنا التي تميل لاقتناء هذه السندات الإسلامية في محافظها أن تتفطن لمثل هذه الأمور قبل أن تغامر بأموالها. * متخصص في هيكلة الصكوك وخبير مالية إسلامية لمجموعة «ادكوم أكادمي» المصرفية في الولاياتالمتحدةالأمريكية.