النظافة ليست مصطلحاً يتم حصره في عدة كلمات وإنما هي مفهوم كبير جداً يترتب عليه أو يندرج منه سلوكيات لها تأثير كبير على المجتمع والبيئة، فهي إذا ما تم التركيز عليها وتطبيقها بشكل جدي تظهر مدى رقي المجتمع, أما إذا أهملت فانه ينتج عنها مشكلات بيئية وصحية كبيرة وتظهر مدى عدم قابلية المجتمع للتطور والوصول للحضارة المنشودة. ومما يؤسف له في مجتمعاتنا أن باب النظافة البيئية مغلق ولا يزال الوعي البيئي في اقل درجاته ونشاهد ذلك بأم أعيننا يومياً ولا نحرك ساكنا.. نرى ذلك في قرانا والهجر والشوارع والمدن وما بين المباني والمنتزهات والأدهى والأمر ما نراه من إهمال متعمد في المنتزهات الكبيرة واستهتار غير مبرر من كل المتنزهين والغالبية من الشباب وذلك برمي النفايات والمخلفات وتخريب دورات المياه والعبث بالأشجار وإشعال النار في جذوعها وغير ذلك من التصرفات التي لا تبشر بخير. ونحن عندما نتحدث عن النظافة فإننا نتحدث عن الصورة الحضارية التي تعكس الوجه الحضاري للمجتمع أو مدى تقدمه, ونحن نعلم أن التطور والتقدم يحتاج إلى التربية والتعليم, وأن النظافة هي سلوك مكتسب نتعلمه نتيجة للتربية التي ننشأ ونتربى عليها. والطفولة هي المكان أو اللبنة الأساسية للبدء في موضوع حماية البيئة ونظافتها, والعناية بشؤونها, حيث إن الإنسان يعتبر حجر الأساس في أنشطة التنمية المستدامة وفي الحفاظ على البيئة وهذا ما تم إقراره في مؤتمر الأرض في البرازيل عام 1992م. والمشكلة التي تعاني منها بيئتنا هي تصرف الكبار وعدم وعيهم بأهمية الموضوع وحجم المشكلة مما يؤثر سلباً على الأطفال ثم إن هذا الموضوع غير مدرج في المناهج التعليمية بحيث يساعد على رفع وعي وإدراك الأطفال, ولا ننسى أن ذلك بأسباب غياب القدوة والندوات والمحاضرات والتوعية البيئية داخل المجتمع. كذلك عدم تفعيل دور الطفل وتنمية شعوره بالمسؤولية تجاه حماية البيئة والتهاون في غرس ما يحث عليه ديننا من أهمية النظافة في نفوسهم منذ الصغر. وعدم التركيز على برامج إعلامية لنشر الوعي الصحي والبيئي بين الأطفال. ومن ثم عدم تبسيط فكرة الحفاظ على البيئة ومردود ذلك على صحة الفرد والمجتمع وكذلك عدم التركيز على ربط التعليم بالتربية البيئية وعدم رفع مستوى الحس البيئي والممارسات الصحية (مثال لذلك: أساليب التعامل مع النفايات لدى أفراد الأسرة) وترك الأطفال بدون توجيه في استخدام المواد الأولية.. وعدم تشجيعهم على الاستفادة من تلك المواد بإعادة استخدامها, مما يساعد في نقص التلوث البيئي وإهمال التوعية بتقدير المبالغ المصروفة من قبل الدولة في شؤون النظافة وهذا ما يجب أن يدركه الكبار أولاً. لأن الأبناء يسيرون على نهج الآباء لكن التناقض في سلوك الأهل أمام الطفل يولد مثل هذه التصرفات, كما أن أطفالنا جاهلون وليسوا سيئين.. سلمناهم للخدم فلا حوار ولا تدريب على السلوك المقبول.. وكذلك الحال بالنسبة للمراهقين.. كما أن النقص في التعليم البيئي حول الاهتمام بالنظافة والنقص في التعليم المدرسي, وعدم توجيه الملاحظات في وقتها للطفل إضافة إلى عدم توجيهه في الأماكن العامة كل ذلك يسهم في عدم حرص أطفالنا على ممتلكات ليست لهم, وعدم الإحساس بالبيئة ومن ثم الرغبة في الحفاظ عليها. كذلك نجد أن طرق التوعية بدائية جداً خاصة في وسائل الإعلام ولا تكاد تذكر لكنني لا زلت أؤكد أن القدوة السيئة من أب لا مبال أو أخ مراهق.. وسوء التربية حين يبدي الأهل اهتماماً بالبيئة أمام الآخرين وليس في جميع الأحوال, كما يمكن أن ينصب اهتمامهم على حماية ما يمتلكون ولا يهتمون بالممتلكات العامة. لذلك نجد فجوة كبيرة في المجتمع ككل يجب ردمها فلا إعلام يوازي أهمية المشكلة ولا توعية كافية من الأهل الذين يهملون توجيه أبنائهم خاصة خارج بيوتهم.. والأسرة مشغولة عن دورها الأهم وإذا تحدثنا عن المدرسة وجدناها غير قادرة على إكمال القصور.. تركيز على الكتاب ونقص في الأنشطة الصيفية ولا وقت لدى المعلم, وقلة هم الذين يقدمون توعية مختلفة مثيرة لاهتمام الطالب وتجاوبه.\ والإعلام فيه قصور كبير.. البرامج غير المدروسة والاتجاه إلى المنافسة في أمور لا تحقق للبيئة أي ثمر. خلاصة القول.. إن نظافة البيئة وسلامتها وحمايتها وجمالها تبدأ بفرد حقاً.. لكن من يربي هذا الفرد وينشئه على الممارسات السليمة اللائقة المتمدنة؟ لا شك أن مؤسساتنا جميعاً مسؤولة.. الراشدون جميعاً مسؤولون عن تقديم القدوة الطبية والعادة الصحيحة والتوجيه العلمي السليم اللائق بنا.. لكي نكون أمة نظيفة متحضرة كما أمرنا بذلك ديننا وكما يجب أن نكون بين الأمم.