لم تكن إقالة الاسطورة الأرجنتينية دييغو مارادونا من تدريب الوصل الإماراتي لكرة القدم مفاجئة وإن كان أمضى نصف مدة العقد الموقع معه فقط، ذلك أن النتائج التي تحققت في الموسم الأول لم تكن على قدر طموحات النادي الذي يعتبر أعضاؤه أن المدرب: «لم يقدم الإضافة الفنية المطلوبة». وقد أعلن الوصل أمس الثلاثاء بعد اجتماع لمجلس إدارة شركة الوصل لكرة القدم «إقالة مارادونا والجهاز الفني». وأشرف مارادونا على الوصل في الموسم الماضي بعد أن وقع عقداً معه في مايو الماضي لعامين. وكان مارادونا أقيل أيضا من منصبه كمدرب لمنتخب الأرجنتين بعد الخسارة الثقيلة بأربعة أهداف نظيفة أمام ألمانيا في ربع نهائي مونديال جنوب إفريقيا 2010. انتهاء العلاقة وفي أول تعليق له عقب قرار الإقالة قال رئيس الوصل الجديد محمد بن فهد «إن التغيير سنة الحياة»، مضيفا: «لقد تم انتهاء العلاقة بين الطرفين بمنتهى الود». أبرز أسباب الإقالة كان «عدم القناعة الفنية» بقيادة مارادونا للفريق، والنتائج الضعيفة التي تحققت، حتى أن البعض تطرق إلى سوء الإدارة الفنية للمباريات من خلال أسلوب اللعب والتبديلات والتعامل مع المجريات. التجربة الاحترافية لبطل كأس العالم 1986 في مكسيكو لم تكن مشجعة لأن مستوى فريق الوصل لم يتطور كثيرا، لا بل إنه أظهر روحا استسلامية في بعض المباريات، وبالتالي جاء حصاد النتائج دون التوقعات التي كانت مرتفعة جدا في البداية خصوصا من جمهور الوصل اعتبر أن اسم مارادونا فقط ربما كافيا لإحراز الألقاب. خطف الأضواء الإعلامية خطف مارادونا الأضواء الإعلامية في الموسم الماضي، ليس في الإمارات وحسب، بل على الساحة العالمية ايضا، إن كان من خلال حركاته في المباريات أو ردات فعله أو في المؤتمرات الصحافية التي دأب الوصل على تنظيمها قبل كل مباراة كما يحصل في البطولات الكبرى ككأس العالم مثلا. وعرف مارادونا كيف يكون مصدر الصخب الإعلامي طبعا، ففي حين كانت المؤتمرات الصحافية تخصص للحديث عن مباراة الفريق في اليوم التالي، فإن النجم الأرجنتيني لم يفوت الفرصة أبدا لإعطاء المشهد بعداً لا يمكن لوسائل الإعلام العالمية التهرب منه، من التهجم على غريمه البرازيلي بيليه، مروراً بالاشادة بمواطنه ليونيل ميسي، وأيضا بصهره أغويرو مهاجم مانشستر سيتي الإنكليزي، إلى انتقاد أسماء لها تاريخها في عالم كرة القدم كأليكس فيرغوسون وروبرتو مانشيني وبيتر شيلتون وغيرهم. لا إضافة فنية تجربة الموسم الأول لمارادونا على رأس الجهاز الفني للوصل شهدت محطات كثيرة، ففي البداية أشعل وجود الأسطورة الأرجنتينية الحماس لدى اللاعبين والمناصرين، فارتفع عدد الجمهور في مباريات الوصل بشكل ملحوظ، حتى أن مدرجات الملعب (بحدود 10 آلاف أو 12 متفرجاً) كانت تمتلئ عن آخرها في بعض المباريات المهمة كلقاءات «دربي» دبي. بعد بداية جيدة بدأت «المطبات» بخسارة من هنا وتعادل من هناك وفي مباريات سهلة، وبدأت معها صرخات مارادونا لتدعيم الفريق بلاعبين على مستوى عال. وفي المحصلة، جاء الموسم مخيبا، إذ حل الوصل ثامنا في الدوري الإماراتي وخرج من مسابقتي الكأس وكأس الرابطة. والأسوأ من ذلك أن مارادونا كان يمتلك فرصة ذهبية لإنهاء موسمه الأول في الإمارات بلقب بعد أن بلغ الوصل المباراة النهائية لبطولة الأندية الخليجية، لا بل إنه تغلب على المحرق البحريني في عقر داره بثلاثية نظيفة وكان على بعد خطوات بسيطة من اللقب. إلا أن فريق مارادونا لم يقو على الصمود في مباراة الإياب فخسر بركلات الترجيح بعد أن سجل المحرق ثلاثة أهداف أيضا معادلا نتيجة الذهاب. تهديد مبكر تحول مارادونا من البطل والملهم في مايو 2011 لدى توقيع العقد مع شركة نادي الوصل برئاسة مروان بن بيات إلى شخص «يفتقر» إلى الفكر التدريبي الذي يلائم الفرق مع الإدارة الجديدة برئاسة محمد بن فهد. لكن العلاقة أصلاً شهدت مداً وجزراً منذ البداية إذ هدد مارادونا أكثر من مرة الوصل بأنه سيرحل في نهاية الموسم «في حال عدم ضم لاعبين جيدين»، لكن العلاقة كانت ترمم إلى أن أدى سوء النتائج وخصوصا إهدار لقب بطولة الأندية الخليجية إلى اتخاذ قرار الإقالة. بين بيليه وميسي أمضى مارادونا الكثير من وقته بتبادل السجالات الإعلامية مع بيليه، خصوصا بما يتعلق بميسي. وكان الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) منح جائزة أفضل لاعب في القرن الماضي لبيليه ومارادونا معا. رد الأرجنتيني بقسوة على البرازيلي الذي اعتبر أن نيمار (لاعب منتخب البرازيل وفريق سانتوس) أفضل من ميسي نجم الأرجنتين وبرشلونة الإسباني، بقوله إنه «إذا كان نيمار الأفضل في العالم حاليا فإن ميسي يعتبر من كوكب آخر»، ولم يتردد بالقول أيضا «على بيليه أن يغير طبيبه النفسي». لم يسلم مانشيني الذي قاد مانشستر سيتي إلى لقبه الأول في الدوري الإنكليزي منذ أكثر من 40 عاما من انتقادات مارادونا الذي قال: «أعتقد أن مانشيني ليس جريئا بما فيه الكفاية مع كل اللاعبين الذين يملكهم. خطته دفاعية قليلا، ربما لأنه إيطالي». حتى إنه تفاخر بإعلانه أنه «ليس مهتما أبداً بمصافحة حارس مرمى منتخب إنكلترا السابق بيتر شيلتون وأنه لن يعتذر منه»، لدى حضور الأخير مباراة الوصل والجزيرة في الدوري الإماراتي. ولا يرتبط اللاعبان بعلاقة ود منذ هدف مارادونا بيده في مرمى شيلتون خلال مباراة منتخبي بلادهما في ربع نهائي كأس العالم عام 1986 في المكسيك. كما دخل في شجار مع أحد المشجعين بسبب رفضه الاستجابة لطلبه بالتوقيع على صورته، وفي مرة ثانية اندفع بعد انتهاء إحدى مباريات فريقه إلى المدرجات ليدخل في مشادة مع مشجعي فريقه الشباب بسبب إشكال مع زوجته فيرونيكا أوخيدا.