تقول العرب في أمثالها (ما يخرب النخلة إلا سوستها) (ولا يهزع الشجرة إلا أغصانها) وما أنادي به هو إصلاح وليس خرابا. وحيث إن أهل كل بيت هم أعرف بساكنيه، وأهل كل منزل هم أعلم بقاطنيه، وكل وزارة أو إدارة أو مصلحة موظفوها هم أعلم الناس بمواطن صلاحها وإجادتها وإتقانها، وأعلم كذلك بأماكن خللها وفسادها وعطبها. ولا ينبئك مثل خبير... وأهل مكة أدرى بشعابها، وأهل الجبال أعلم بفجاجها.. فأهيب بإخواني هيئة مكافحة الفساد أن يبذلوا جهدهم في التعاون مع موظفين من داخل الجهات الحكومية التي يراد كبح جماح الفساد فيها. وبالذات صغار الموظفين في الجهات المتخصصة في المشاريع، والجهات المالية... فهي مربط الفرس. ويكون التعاون مع الموظفين المشهورين بالأمانة والنزاهة، أو من ليسوا على وفاق مع مدير المشروع أو على خلاف مع جهة إرساء المشاريع، فبضدها تتميزالأشياء ومصائب قوم عند قوم فوائد. فهؤلاء الموظفون دائماً ما يكونون على اطلاع بمغازي ومرامي ومقاصد ومخازي الأمور وأبعادها، لأن العبرة بحقائق الأمور ومعانيها لا بظواهرها ومبانيها، فموظفو كل جهة هم الذين يضعون اليد على الجرح وإن أوجع، ويصفون الدواء وإن أحرج. فلا ينبغي لمكافحة الفساد أن تنتظر شكاواهم بل تقتحمهم في عقر دارهم، وتغريهم بالجوائز وتشجعهم بالحوافز، وتضع نقاط الترقيات لموظفيها لمن يكشف أكثر الفساد. ثم كذلك نحمي ظهورهم، وندافع عنهم، ونخصص لهم المحامين (ولا أخال هيئة مكافحة الفساد إلا ماضية عاملة بما أقول) فعارعلينا أيما عارأن يأتي لبلادنا وافد أجنبي فيرشي فلانا وعلانا لكي يرسي له المشروع الفلاني والعلاني ثم ما يلبث بعد فترة إلا ويتكشف للمواطن الكريم عوار هذا المشروع. وضعف بنيته التحتية. وأنه أقيم عل شفى جرف هار! يهوي عند أدنى امتحان. فإذا فاحت عفونة المشروع فإذا بالشركة المنفذة قد تكنسلت أو غيّر اسمها ورسمها وشعارها. ثم نندم ولا تَ حين مندم! أما مهندس المشروع فيكون بحمد الله قد بنى له قصرا شامخا فارها في قلب بيروت أو باريس! أما المواطن السعودي فيتجرع مرارة المشروع الذي ظاهره فيه الرحمة ومن قبله العذاب! إذا ما الجرح رم على فساد تبين فيه إهمال الطبيب أيها السادة الفضلاء (المسؤولون عن إرشاء المشاريع) إن الدار داركم والبيت بيتكم والدولة دولتكم {وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً} فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور.. وأرجو أ لا يضيق أفق الموظف أو يسيل لعابه أو تجيش نفسه بالطمع إذا سمع أو علم أن فلانا أو علانا حظي برشوة أو حلاوة (أو جمرة من جهنم) من المشروع الفلاني أو العلاني (فإنك إن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله) فأنت المحاسب لوحدك غداً يوم تقف أمام الله حافيا عاريا اغرلا.. فكل شاة برجليها معلقة عليك نفسك إن جاروا وإن ظلموا أيها السادة الفضلاء لا نكن معول هدم لأوطاننا وأجيالنا، فلا نخرب بيوتنا بأيدينا وأيدي المقاولين فاعتبروا يا أولي الأبصار.. وفق الله الجميع والسلام عليكم... - محافظة رياض الخبراء [email protected]