بعد خمس سنوات من تركه منصبه كرئيس وزراء لبريطانيا والعمل في الخطوط الأمامية للسياسة البريطانية، يعود توني بلير اليوم ليفيض علينا بحكمته بشأن الاقتصاد وأوروبا والشرق الأوسط وحزب العمال، فهو ربما يريد أن يعود لرئاسة حكومة البلاد مرة ثانية، ولكنه يعلم أنه لن يستطيع ذلك، لذلك فإنه في المقابل يحاول اصطياد «وظيفة كبرى» أخرى، ومن الواضح أيضاً أنه انزعج بشدة مما كشفته جريدة إندبندنت فيما يتعلق بقمعه للمنشقين البريطانيين بعد قراره بخوض بريطانيا للحرب على العراق، ولا يزال السيد بلير يعتقد أن المجتمع الدولي لا يزال يحمل له قدرًا من الاحترام ويمكن أن يسمح له مرة ثانية بأن يتقلد واحدة من أكبر الوظائف في العالم. ولكن ما المشكلة في عمله الحالي كمبعوث للشرق الأوسط نيابة عن الرباعية، عن الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا والولايات المتحدة؟ لقد صرح مكتبه أنه كان مشغولاً في السنوات الخمس الماضية، ولكن بالنظر إلى قائمة «إنجازاته» سنرى أنه أقام منشأة لمعالجة مياه الصرف الصحي في غزة، ونجح في حشد الحكومة الإسرائيلية للسماح للمزارعين الفلسطينيين بتصدير زهور الزينة والفراولة، وتمكنه من الحصول على رخصة إنشاء شركة محمول ثانية في الضفة الغربية وهي شركة «وطنية»، ولكن على الرغم من أن كل تلك «الإنجازات» ربما تسهم في تغيير وجه الحياة اليومية للفلسطينيين، إلا أنها لا تستحق أن تكسبه جائزة نوبل للسلام. بل الأكثر من ذلك هو أن الاقتصاد الفلسطيني يعاني انتكاسة حقيقية، فنسبة النمو أصبحت متدنية للغاية وارتفعت نسب البطالة بصورة حادة، ولكن الأسوأ من ذلك هو أن السيد بلير وممثلي الرباعية أجبروا العام الماضي على ترك جناحهم الفاخر في فندق «أميريكان كولوني» الفاخر في القدسالشرقية بسبب نفقاته العالية، ومنذ ذلك الحين اضطروا إلى الانتقال إلى مكتب غير فاخر على بعد خطوات من ذلك المبنى، وكل ذلك لا يناسب توني بلير المتعجرف الذي يرتدي قميصًا مفتوحًا تبرز من تحته بشرته البرونزية التي تلونت من شمس الشرق الأوسط. وهذا ليس كل شيء، فهناك صفحات أخرى في سجله الوظيفي؛ فقد استطاع أن يجني أرباحًا قيمتها 2.5 مليون جنيه إسترليني في عام واحد من استثماراته في بنك «جيه بيه مورجان» ببورصة وول ستريت الأمريكية، كما أن لديه شركته العالمية للاستشارات، توني بلير وشركاه، التي ينوي توسيعها، ومؤسسته الخيرية، وحصوله على ما يقرب من مائتي ألف جنيه إسترليني نظير إدلائه للخطبة الواحدة، وكل ذلك لا يعرفه عنه إلا القلة وعلى الرغم من كل ذلك فمن الواضح أن رئيس الوزراء السابق يحاول أن يكسب الرأي العام ليعود إلى الواجهة من جديد. (ذي إندبندنت) البريطانية