تبدأ وزارة العمل قريباً بالانتقال إلى مرحلة جديدة من تطبيق برنامجها نطاقات؛ حيث ستضع نطاقاً للأجور، يسمح لها بتحسين مستوى الإقبال على التوظيف في القطاع الخاص، وفي الوقت نفسه لا يضعها أمام فرض حد أدنى للأجور؛ ما يفتح الباب لمطالبات بتعميمه على السعوديين والوافدين بضغط من قِبل منظمة العمل الدولية؛ كون المملكة عضواً فيها، وتعتمد هذه المنظمة مبدأ المساواة بالدول الأعضاء للأنظمة والقوانين كافة التي تصدرها الدول على العاملين بها كافة، دون النظر للجنسية. ولا تريد الوزارة فتح الباب على زيادة رواتب العمالة الوافدة؛ ما يعني زيادة في التحويلات واستزافاً أكبر للموارد المالية مما هو عليه الآن؛ حيث يبلغ حجم الحوالات حالياً مئة مليار ريال سنوياً، ووصلت لأكثر من سبعمائة مليار ريال خلال السنوات العشر الأخيرة. ولكن في الوقت ذاته قال معالي وزير العمل إنه لا يمكن الاستغناء عن العمالة الوافدة؛ لأنه لا يوجد عدد كافٍ من الأيدي العمالة السعودية لإحلالهم مكان الوافدة، ولكن في الوقت نفسه إذا كان العدد غير كافٍ فمن الأولى أن يتم الإسراع في توظيف وإحلال طالبي العمل من السعوديين، وإن كانت الخطوات حثيثة في هذا الاتجاه، وتم توظيف ربع مليون شاب وشابة في أقل من عام، إلا أن مبدأ سد هذه الفجوة بين طالبي العمل وإمكانيات وقدرة السوق هي أولى الخطوات المهمة لكي يتسنى التوجه بعدها لاستيعاب الداخلين لسوق العمل سنوياً والمقدرين بأكثر من مئة ألف سنوياً. لكن في المقابل لا بد من إعادة هيكلة تأهيل الشباب والشابات خريجي الثانوية العامة؛ ففي كل عام يتخرج من الثانويات قرابة 400 ألف طالب وطالبة، يذهب 70 % منهم للجامعات، أي قرابة 300 ألف، بينما لا يتجه للتعليم المهني والكليات التقنية والمعاهد سوى 100 ألف، ويُعدّ ذلك خللاً كبيراً؛ حيث يشكّل ذلك نموذج الهرم المقلوب؛ حيث قاعدته الأوسع من المؤهلين الأكاديميين، بينما تأتي المؤهلات المهنية والأقل منها هي القاعدة الأقل حجماً، بينما عندما ننظر لأي سوق عمل في العالم، ومنها السعودي، فإن الحاجة إلى المهنيين أكثر من الأكاديميين، وبهذه التركيبة ستبقى الفرص المتاحة للخريجين أقل من أعدادهم؛ ما يضطر بعضهم للعمل في غير تخصصاتهم. ومن هذه النظرة القائمة حالياً تبرز الحاجة إلى أن تقوم الجهات المعنية في العمل والتعليم العالي والتعليم الفني بوضع نطاقات جديدة؛ حيث تقوم وزارة العمل بوضع نطاق يوضح حجم كل مهنة في السوق، وكم نسبة السعوديين الذين يشغلونها، كبنك معلومات، ومنها من الممكن أن تقوم بقية الوزارات بوضع خطة تعيد تركيبة القبول لخريجي الثانوية العامة؛ ما يسمح بتوسيع قاعدة المؤهلين مهنياً مستقبلاً لسد الفجوة المستقبلية التي يحتاج إليها الاقتصاد الوطني.