كلما ازدادت الأزمة السورية «حماوة» يتأثر الداخل اللبناني بالأمر، على الرغم من الدعوات الموجَّهة إلى لبنان الخارجية والداخلية إلى ضرورة «النأي بالنفس» عن ذلك، بمعنى تحييد لبنان عن أحداث سوريا. وحصلت جلستا حوار مؤخراً بين الفرقاء اللبنانيين برعاية رئيس الجمهورية ميشال سليمان. هناك أحداث أمنية متفرقة سادت الساحة اللبنانية؛ فهل استطاع لبنان أن يبقى بعيداً عن نار الأزمة السورية، وخصوصاً أن أعداد النازحين السوريين في لبنان ارتفع كثيراً، وأصبح وجودهم عبئاً عليه، كما عليهم في الأصل؟ حملنا هذه الأسئلة إلى عضو كتلة المستقبل د. عاصم عراجي، وهو نائب عن البقاع المحاذي لسوريا. 1 - د. عاصم، لنبدأ من الموضوع السوري وانعكاساته على لبنان، هناك خروقات يومية للجيش النظامي السوري عند الحدود، بقاعاً في عرسال، وشمالاً في عكار, وطالبتم بتدخل الجيش اللبناني لضبط الحدود بطلب من الحكومة, وعيون العالم متجهة نحو هذه الحدود, هل تعتقدون أنه في نهاية المطاف ستتم تلبية مطالبكم، أم أن الأمور مرشحة للتصعيد؟ - إن الخروقات اليومية لجيش النظام السوري للأراضي اللبنانية في البقاع والشمال تهدف إلى توريط لبنان في الأزمة السورية, ونحن بدورنا طالبنا مرات كثيرة بانتشار الجيش اللبناني على الحدود اللبنانية السورية لحماية المواطنين اللبنانيين، ومنع أي خروقات سورية، ولمنع تهريب السلاح من لبنان إذا كان هناك تهريب كما يدَّعون، خاصة أن شهداء كثراً سقطوا في المناطق الحدودية، واختُطف آخرون إلى داخل الأراضي السورية، والبعض الآخر تم الاعتداء على منازلهم. 2 - اللاجئون السوريون إلى لبنان يزداد عددهم باطراد, هل لديكم أرقام رسمية عنهم؟ - زاد عدد النازحين السوريين حتى وصل إلى 25000 نازح، بحسب بعض الإحصاءات، ولكن العدد الحقيقي للنازحين - برأيي - يفوق ال 30000؛ لأن هناك عائلات كثيرة لم تتجرأ على تسجيل أسمائها خوفاً من أن تُسرب إلى الأمن السوري. 3 - موقف تيار المستقبل معروف بضرورة مساعدتهم إنسانياً, لكن وسائل الإعلام السورية الرسمية لطالما اتهمت تيار المستقبل بدعم المعارضة بالسلاح. - إن علاقة تيار المستقبل بالإخوة النازحين لا تتعدى الناحية الإنسانية، أما بالنسبة لتقديم السلاح للمعارضة السورية «ففاقد الشيء لا يعطيه»، وتيار المستقبل لا يملك السلاح حتى يعطيه للمعارضة السورية، إضافة إلى رفضنا القاطع لغة التقاتل والسلاح. 4 - في ظل الظروف السورية المنعكسة على لبنان، وخصوصاً الأمنية في الشمال، طالبت معظم دول الخليج رعاياها بتجنب السفر إلى لبنان, وحاول رئيس الجمهورية ميشال سليمان طمأنتهم خلال جولة خليجية, برأيكم ما انعكاس غياب العرب عن لبنان؟ - نحن نتفهم القرارات التي اتخذتها دول الخليج بالطلب من رعاياها تجنب السفر إلى لبنان بعد أن تعرض عدد منهم للخطف والتهديد والابتزاز، إضافة إلى الاطلاع الواسع لتلك الدول على الأوضاع الأمنية غير المستقرة في لبنان بسبب تأثره بما يحدث في سوريا. وفي هذا الإطار أتوجه بالشكر لرئيس الجمهورية على الجهود التي بذلها خلال جولته على دول الخليج العربي لحثهم على العدول عن تلك القرارات، آملا أن تأتي جولته بنتيجة؛ لأن غياب الإخوة العرب عن لبنان له تأثيرات سلبية كثيرة على الموسم السياحي. 6 - اتصلت وزيرة الخارجية الأمريكية بكل من الرئيس نجيب ميقاتي والرئيس سعد الحريري، ونُقل عنها أنها طالبت ببقاء لبنان نائياً عن نفسه من الأزمة السورية, ألا ترون أن هذا الأمر يعزز موقف ميقاتي «بالناي بالنفس»، ويؤكد أنكم مخطئون بانتقادكم حكومته في هذا المجال؟ - نحن تيار المستقبل وقوى 14 آذار لا نتدخل في الشؤون الداخلية السورية، وفي الوقت نفسه لا نريد للحكومة أن تتدخل أيضاً، إلا أن الحكومة التي يرأسها الرئيس نجيب ميقاتي هي في صلب الأزمة السورية. 7 - د. عاصم، كيف تقوِّمون - بوصفكم نواب تيار المستقبل - ما جرى في جلستي الحوار الوطني اللتين جرتا في 11 و25 حزيران الماضي؟ وهل ترون أن «الحوار مطلوب الآن من أجل الحوار فحسب»؟ - الحوار مطلب أساسي لحل كل المشاكل العالقة في لبنان، ونحن في تيار المستقبل و14 آذار نؤمن بالحوار البنَّاء الذي إذا جلس أقطابه إلى طاولته بنوايا صافية فيمكن أن يوصلنا إلى بر الأمان، ويخلّص لبنان من كارثة حتمية قد تدخلنا فيما هو خارج الحسبان. ومن انسحب من الحوار سابقاً هو حزب الله، وفقط دولة الرئيس نبيه بري هو من استمر في الحوار. إن رأيي غير متفائل بالنسبة لطاولة الحوار، وهو مبني على تجارب سابقة خضناها منذ ست سنوات، واتُّخذ خلالها قرارات لم تنفَّذ حتى اليوم، منها: السلاح الفلسطيني خارج المخيمات, إضافة إلى تمسك حزب الله بسلاحه. ونحن اليوم نشارك في الحوار كي لا نتحمل مسؤولية أي خلل قد يحصل في لبنان، أمنياً كان أو غير أمني. 8 - تحصل أحداث أمنية متفرقة في لبنان بين الحين والآخر, كيف ترون هذا الأمر؟ وكيف يمكن تداركه؟ - هذا يؤكد وجوب أن يعود السلاح إلى كنف الدولة اللبنانية، وأن تكون إمرته بيد السلطة السياسية؛ حتى لا نبني دولة بل دويلة ضمن الدولة. وإذا بقي السلاح موجوداً مع فريق لبناني سيبقى هناك خوف منه، وخصوصاً أنه استُعمل في السابع من أيار. وأذكر أن هذا السلاح فرض تسوية الدوحة في عام 2008، ويجب أن يكون الجيش اللبناني المخول الوحيد بالمحافظة على الحدود اللبنانية. يجب أن يتم سحب السلاح من كل الأراضي اللبنانية، ونحن ضد انتشاره في الأزقة والأحياء.