بعد أن كفنوا أخيهم بمشلحه البني اللون كجبال مكةالمكرمة، وبعد أن واروا جثمانه في مقبرة العدل على مقربة من أشقائه والعلماء الذين تتلمذ على يدهم في مدرسة الأمراء بمكةالمكرمة نثروا التراب على قبره بأياديهم، وكأني بخادم الحرمين الشريفين ينظر إلى سلمان قائلاً أنت لها أنت العضيد. وتمت البيعة في بيت الحكم السعودي إجماعاً على رجل المرحلة ولي العهد سلمان بن عبدالعزيز. شعب المملكة العربية السعودية في ظل هيجان الشعوب وسقوط حكامهم فقدوا اثنين من ولاة عهد مليكهم خلال ثمانية أشهر فقبل نايف الأمن كان سلطان الخير. لم يصدم هذا الشعب العظيم لأنه مؤمن بقضاء الله وقدره وأنه بإيمانه -الشعب السعودي- قادر على امتصاص أزماته بالتفافه حول قيادته. لذلك تنبأ الشعب السعودي بأن أمير الدفاع هو ولي العهد القادم، لعلمهم ودرايتهم بولاة أمرهم ومدى الكيمياء التي بين الحاكم والمحكوم. علاقة ولي العهد الثامن للدولة السعودية الحديثة ممتدة منذ أن كان أميراً لعاصمتها الرياض، بحكم قربه من إخوانه الملوك وقربه من الشعب بجميع أطيافه وأصبح همزة وصل بينهم وذلك باستخدامه سياسة الأبواب المفتوحة سواءً في مكتبه أو منزله العامر. سلمان بن عبدالعزيز لم يذهب إلى السلطة بل هي من جاءت إليه، وهو دائما ما يردد أنا كل همي خدمة ديني ووطني وهذا الشعب. أمير الأمراء، هو أحد لجنة الأمراء التي تختار الوزراء في حال التشكيل الوزاري وأعضاء مجلس الشورى إذا كان هناك دورة جديدة. كما أنه يحمل هموم أسرته على كتفيه، فهو من يمثل الملك أمام الأسرة، فإذا حل نزاع سواء بينهم أو أحد أبناء الشعب سلمان بن عبد العزيز هو من يقوم بإطفاء الفتيل بحكمته. وأمير المؤرخين يحمل ملف تاريخ وطنه لهذا قام بحفظ تاريخ الدولة الحديث وصانه من الضياع ومؤسس فكرة الحفظ بإنشاء (دارة الملك عبدالعزيز)، مطالبا أبناء الشعب بأن من لديه وثيقه أو أي متعلقات تخص الملك عبدالعزيز فليقدمها لدارة الملك عبدالعزيز. علاقة خادم الحرمين بولي عهده مميزة وممتدة جداً، فقد كان يوجهه الملك بخطابات تتعلق بالمواطنين أو المقيمين بجملة واحدة (إن هذا الموضوع.. يخرج من ذمتي إلى ذمتك) يقول ثيودور كَراسِك، مدير قسم الأبحاث في مؤسسة الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري: «من الواضح أن الأمير سلمان هو الاختيار الصحيح لولاية العهد استناداً إلى قواعد تسلسل الحكم في المملكة. وهو معروف تماماً داخل السعودية، لكنه معروف كذلك للبعثات الأجنبية والمجتمع الدولي». كما سيكون الأمير سلمان قادراً على اختيار الأشخاص المناسبين الذين سيتم تعيينهم في مناصب مهمة على مستوى الدولة، بحكم خبرته وحنكته ومعرفته القريبة بفئات وشرائح المجتمع السعودي المختلفة، على نحو يجعل من الممكن أن تستمر عملية انتقال الحكم بصورة سلسلة ومستقرة، كما أن من المرجح أن يعمل الأمير سلمان على تعزيز الأجندة الإصلاحية التي يطبقها الملك عبد الله بن عبد العزيز. حفظ الله هذا الوطن وولاة أمره.. وأعانك الله يا ولي العهد على هذا التكليف لا التشريف. والله الموفق، [email protected]