وصلت لك الآجال بالآجالِ بينما كان أبناء الشعب السعودي يتابع بكل اهتمام الأخبار عن صحة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الذي كان يرقد بأحد مصحات (جنيف) بعيداً عن وطنه، إذا بالديوان الملكي ينعاه معزيا خادم الحرمين الشريفين والأسرة المالكة والشعب السعودي عموماً، وكان لذاك النبأ المفاجئ المحزن وقع مؤلم هز النفوس لهول مصيبة الوطن في رحيله العاجل، فصفو الحياة وإن طال المكث بأيامها ولياليها، فحتماً يعقب ذاك الصفاء والتآلف مايكدره من أحزان وتفرق بين الأفراد والجماعات على اختلاف طبقاتهم ومكانتهم في قلوب محبيهم ومجتمعاتهم، فبالأمس القريب أي منذ شهور قلائل افتقد الوطن رجلاً سكن حبه قلوب الملايين من هذا الوطن بل ومن خارجه إنه الأمير المحبوب صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز، وفي هذا اليوم السبت 26-7-1433ه فجع الشعب السعودي برحيل صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز ولي العهد ووزير الداخلية - تغمده الله بواسع رحمته -، فهو العضد الأيمن والساعد الأقوى لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، فقد حزن حزناً شديداً على رحيله المفاجئ كحزنه على سابقه أخاه صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز، ولسان حال ملكنا - أبو متعب - الحبيب إلى قلوب شعبه يُردد في خاطره معنى هذا البيت بكل تأسف وتحسر: تتابع أخوتي ومضوا لأمر عليه تتابع القوم الخيار والحقيقة أن الأمير نايف يُعد من عظماء الرجال حِنكة وهيبة وعدلاً في أعماله ومواقفه المشرفة في نصرة الدين، ومعاضدة رجال الحسبة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتذليل العقبات التي قد تعيق بعض مهماتهم مما جعل أعمالهم تتصف بالهيبة والحزم في أداء أعمالهم، كما أنه يحيط رجال الأمن برعايته وبتوجيهاته السديدة، ويشجع مادياً ومعنوياً كل مخلص ومتفاني في أداء عمله بكل سخاء، ومن فقد منهم أثناء تأدية عمله خلفه في ذريته وأسرته بمواساتهم ومسح رؤوس أيتامهم مع أمره الكريم بصرف مبالغ مجزية وتأمين مساكن لهم ورعاية أبنائهم حتى يكبروا، وهذه من مزايا الأسرة المالكة ببلادنا - أيدهم الله بنصره وتوفيقه ورحم غائبهم- فالأمير نايف - يرحمه الله - طبع على الإخلاص والتفاني في خدمة دينه ووطنه منذ تسنمه أول عمل، وحتى في أواخر حياته رغم ما يعانيه من بعض المتاعب الصحية، فهو يتحامل على نفسه مستشعراً ثقل المسؤولية، وليكون قدوة حسنة لمن يخلفه: فتى عاش يبني المجد سبعين حِجة وكان إلى الخيرات والمجد يرتقي وله مواقف مشرفة في دحر الإرهاب ومكافحة المخدرات وتجنيب البلاد من عواصف الفتن، فأعماله كلها جليلة يتعذر حصرها وعدها في هذه العجالة، ولقد سعدت بمقابلته في بعض المناسبات، وحينما أعرض عليه الزيارة لتشريف محافظة حريملاء فإنه يبدي اعتذاره بكل لطف وتواضع، ثم يردف قائلاً: إن شاء الله وقت الربيع، وستظل تلك اللحظات الجميلة معه ذكرى خالدة ماثلة في خاطري مدى الأيام، ولأن توارى شخصه عن وطنه ومحبيه فإن ذكره العاطر سيبقى خالداً في نفوس أبناء الشعب السعودي ملوحاً بمأثرة العظام وحفظ تاريخه الوضاء على مدى تعاقب الملوين : وغداً سيذكرك الزمان ولم يزل للدهر إنصاف وحسن جزاء رحمك الله أبا سعود وأسكنك فسيح جناته، وبهذه المناسبة المحزنة أقدم أحر التعازي والمواساة لمقام خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وإلى أبناء الفقيد وبناته وأخوته، وإلى كافة الأسرة المالكة تغمد الله الفقيد بواسع رحمته ومغفرته.