هذا المقال هو أعسر مقال أكتبه فأنا لا أجيد مقالات الرثاء وليست لي دراية في عبارات التأبين، فذلك يستلزم عبارات دقيقة وحساسة تعبر عن المشاعر بصدق، فلا تبالغ بما لا يستشعر ولا تبخس الفقد حقه من الإحساس، وأنا مشاعري تختلط في مواقف العزاء بصورة لا أستطيع التعبير عنها كما أحب، فمن جانب أستشعر عظم الفقد وجسامة الخسارة لكون الفقيد أحد صناع حقيقة المملكة ومن أركان بنيتها السياسية ومن جانب آخر استشعر فقده كإنسان عرفته وحادثته وجلست أمامه، واستشعر فقد أهله ومحبيه مما يجعلني أشاطرهم ذلك الإحساس، لذا لا أجد عبارة أجدر بأن تقال في هذا الموقف أكثر من قول الشاعر: (مرحوم يا شيخ فجعنا رحيله.. الله يقبلك في جنة الخلد لافي)، فصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز لم يكن شخصاً عادياً في حياتنا، لذا نفتقده بقدر ما نشعر بالخسارة في الطمأنينة لوجوده بيننا، ولكن هذه الطمأنينة سرعان من تنامت عندما عين خادم الحرمين الشريفين صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولياً للعهد، فهو رجل عرفناه وعرفنا قدره وقدرته فهو خير من يخلف الفقيد، في مكانه وخير من نعقد له بيعتنا وعهدنا. قبل سنتين كتبت مقالاً بعنوان: (سلمان بن عبدالعزيز المفكر النظمي) وكنت أشير في ذلك المقال لحديث جرى في مكتب سموه حيث قال ما مضمونه: «إن المسؤول الواعي مطالب بالاطلاع على ما يكتب حسناً كان أو سيئاً وهو بذلك يستفيد في كلتا الحالتين، ففي الأولى تتفتق له فرص التحسين في أدائه وأداء إدارته من خلال ما يطلع عليه من فكر ونقد هادف وآراء سديدة توفره الصحافة، وفي الثانية تتهيأ له المناسبة لإظهار جهوده وإنجازاته والتي ربما لا يليق أن يتحدث عنها دون مثير».. هذا التعبير هو دلالة على الأهمية التي يوليها سموه للصحافة وما تمثله من رأي عام فهو يجد فيما يكتب صدى ما ينجزه من أعمال وما يطرحه من أفكار، لذا استشعر اهتمام أكبر من سموه بدور الصحافة وتوسع في تمكين الإعلام بصورة تخدم المواطن والمسؤول وتكون حلقة الوصل الصادقة في عرض حال المجتمع وتعميق المسؤولية العامة لدى جمهور الكتاب والصحفيين. في هذا المقام قد لا يحمد طول الحديث، فالنفوس كليمة والمشاعر سابغ عليها الحزن ولكن لا بأس في أن نقول إننا بقدر ما فقدنا نايف كسبنا سلمان وخير الخلف من سار على سيرة السلف ونافح عن الحق، وهذا أملنا (بأبو فهد) وهو يعاضد خادم الحرمين الشريفين اعزه الله بالحق والصحة وطول العمر. [email protected] Twitter @mmabalkhail