جميل أن تتبارى النخبة في رثاء معالي الدكتور غازي القصيبي ويتحدثوا لوسائل الإعلام المختلفة بما يعرفونه من صفات ومزايا وإمكانات وقدرة في الشعر والأدب والثقافة والإدارة من خلال معاصرته والالتقاء به، ومعالي الدكتور غازي ليس من النخبة بل يصنف من أنه للناس أقرب وإنسان مثل أي إنسان لذا فإن وفاته قد هزت كل المشاعر والأحاسيس عند كل الناس في كل مكان من الوطن. من يستطيع كتابة سيرة غازي القصيبي بعد وفاته.. لا أظن أن الوزير والمسؤول والمثقف والشاعر والأديب والصديق يستطيع كتابة سيرة غازي القصيبي المضيئة والمبهرة فهؤلاء وإن أجادوا فهم من موقع الصداقة والقرب والمحبة المباشرة ولكن في رأيي وأكاد أجزم أن أحق من يكتب سيرة غازي القصيبي الحافلة بالخير والإنسانية والمواطنة الصالحة والنزاهة والإخلاص والأمانة هو من شعر بإنجازاته وتلمس إبداعاته إنه الإنسان البسيط الموجود في بطون الأودية وعلى قمم الجبال الذي حظي بالكهرباء تنير ظلام ليله، إنه الإنسان المريض الذي استشعر الفائدة من وجوده كوزير في الرفع من قيمته بالعمل على توفير السرير والعلاج والدواء، إنه الإنسان المصاب بالإعاقة الذي فتح له باب الأمل في الرعاية والعلاج في دار الأطفال المعوقين إنه المواطن الذي أتاح له فرصة العمل بعد المعاناة والبطالة. إنه الطموح الذي فتح له باب الأمل في إقامة صناعة وطنية ووفر له سبل النجاح وشجعه بالشراء والدعم والمؤازرة، إنه المهندس الذي أتاح له فرصة إنشاء مكتب استشاري يقدم خبرته وعلومه التصميمية والهندسية، إنه الإنسان والفني والعامل الذي أتاح له الفرصة لينشئ شركة مقاولات ليشارك في برامج التنمية، إنه كل هؤلاء وغيرهم الذين يستطيعون كتابة سيرة غازي القصيبي إنهم أصحاب المشاعر الجياشة والأحاسيس العميقة إنه كل إنسان في أرض هذا الوطن شعر ولمس وأحس ببصمات هذا المبدع المخلص سواء في منزله أو مصنعه أو مكتبه أو مشفاه أو في مؤسساته الخيرية الإنسانية. لا أظن أن أي امرأة أو طفل أو شيخ أو فقير أو مريض، إلا وكتب كلمة أو سطر حرفاً في سجل الذكريات الطيبة لغازي القصيبي، واستشعر مقدار الأثر الذي تركه في وجدانه وعواطفه – إن سيرة غازي القصيبي العطرة الممزوجة بحب الناس أجمعين سيكتبها المواطن العادي والإنسان البسيط وهي أكثر تأثيراً وأعمق إحساساً وأجل أثراً على مدى الدهر فهي كالنقش على الحجر. رحم الله فقيد الوطن والمواطنين غازي عبدالرحمن القصيبي.