تُقاس قوة المؤسسات - في عالم الإدارة - بما تحققه من إنجازات تجسد أهدافها، وتلبي طموحاتها، وتحقق للمنتسبين إليها آمالهم في حياة رغدة وسعيدة، وينطبق وصف المؤسسات على جميع مؤسسات المجتمع بدءاً بالأسرة التي هي نواة المجتمع وأساس تكوينه، كما ينطبق على وزارات الدولة ومؤسساتها العاملة في مختلف ميادين الحياة الإنتاجية والخدمية. وإذا كان تحقيق الأهداف يرتبط بالعمل المخلص البناء وبتكاتف أفراد المؤسسة العاملة فيها وتعاونهم وأداء كل فرد لأدواره ومسؤولياته، فإن مدير المؤسسة يقع عليه العبء الأكبر بصفته المسؤول الأول عن تحقيق الأهداف وتلبية الطموح. ولست هنا بصدد الخوض في الحديث عن الإدارة بصفتها فناً وعلماً وممارسة، ولكن طبيعة ما نشهده من نجاحات في بعض المؤسسات وإخفاقات في غيرها تقودنا إلى وقفة ضرورية تستبين منها الأسباب، ونقف فيها على حقائق بعض الأمور التي تجعل البون شاسعاً بين النجاح والإخلاق، بل بين النجاح الفائق والتباين الملاحظ في درجات النجاح والفشل ولعل نظرة متأنية إلى ما تحققه العديد من مؤسسات الوطن في هذا العهد الزاهر تكشف ما وراء ذلك من جهود يحبطها الإخلاص والحرص على الإنجاز، كما يؤكد على أهمية المتابعة المستمرة لمراحل العمل وآليات إنجازه، ولسنا هنا ببعيدين عن ذلك المثال الواضح الذي تحقق بفضل الله في مجال خدمة الحجيج وتطوير وسائل راحتهم بما أصبح يمثل واجهة حضارية مشرقة للمملكة وقيادتها وشعبها في هذا الميدان الذي تتشرف بلادنا بواجب وشرف القيام به. وفي المقابل فإن من يتابع أداء بعض المؤسسات يلحظ وبكل إنصاف أن تصاريح مسؤوليها البراقة تحمل وعوداً بالكثير من الإنجازات التي يتحقق منها القليل بينما يتعثر معظمها أو تتأخر على أرض الواقع، وهنا يكون مكمن الخطر الذي يستحق العلاج الحاسم، حتى لا تضيع الوعود على مر الأيام، وتنقضي وتذهب إلى عالم النسيان وهنا نعود إلى فنون الإدارة في المتابعة والتقييم والإصلاح، وتأتي إلى الذاكرة أهمية متابعة تصريحات المسؤولين ووعودهم التي تحملها وتتناقلها وسائل الإعلام المختلفة، في وقت يجب أن تشتد فيه السواعد للعمل واستكمال البناء في مختلف الحقول، وتطوير أداء المؤسسات المكلفة بخدمة الوطن والمواطن، وتحسين الخدمات التي تحرص الدولة على تقديمها إليه بأفضل قدر من الكفاءة وأحسن مستوى من الجودة، وفقاً لما يوجه به خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين يحفظهم الله ، وإذا كانت المتابعة في هذا المجال ضرورية ولازمة، فإن الآمال المعقودة على هيئة مكافحة الفساد كفيلة بأن تجعل تصريحات بعض المسؤولين ووعودهم متوافقة مع ما تحققه مؤسساتهم من إنجازات، نعم إن الوعود التي يطلقها البعض داخل مؤسسات الدول وتظل دون تحقيق تدخل في نطاق الفساد بدرجة أو أخرى، وهل هناك أبغض ولا أفسد من قول يخالف العمل، ووعد يخالف الأمل، بما يمكن أن يدخل في دائرة من عاب الله عليهم ذلك في قوله سبحانه كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ في الوقت الذي امتدح منه سبحانه صدق الوعد والمحافظة عليه وخصه بالذكر في قوله تعالى: وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيّاً . إن صدق الوعد والوفاء به هو سجية من سجايا المؤمن، وخلف الوعد والكذب في القول سمة من سمات المنافق، وهو جريمة في حق المسؤولية وواجباتها، والأجدر بجهات المتاعبة أن تضع في اعتبارها أن محاسبة المسؤولين على مدى التزامهم بتحقيق وعودهم وإنجازها هو واجب يتوافق مع تطلعات وتوجهات قيادتنا الراشدة الرشيدة لتحقيق أمل المواطنين في تحسين الخدمات التي تقدم إليهم، كما أن محاسبة المسؤولين على تصريحاتهم ووعودهم سيجعل لكلمة المسؤول مكانتها واهتمامها، ولأفعال المؤسسات وأداها خير شاهد على مسيرة الإصلاح في هذا العهد الميمون، وفق الله العاملين لما فيه خير الوطن والمواطن، وبالله التوفيق.