توتر جديد في غزة بسبب خلاف على بنود الهدنة    تدمير ممنهج لبنية السودان    العالمي والقلعة يضربان بقوة    الدراسة عن بعد بمدارس وجامعة القصيم.. غداً    جامعة فطاني في تايلند تُكرم آل الشيخ بدرع «الشخصية الإسلامية المؤثرة عالميًا»    الكويت: ندين استهداف المستشفى السعودي بمدينة الفاشر في السودان    مسح وتقييم شبكة الطرق خلال 5 أيام    أمير الرياض يحضر الحفل السنوي الكبير على كأس المؤسس وكأسي خادم الحرمين الشريفين للخيل    أمير القصيم يعزي أسرة الزويد    «حرس الحدود» بمكة يحبط تهريب 3 كيلوغرامات من الحشيش    المديرية العامة للسجون تدشن «مراكز تنمية قدرات النزلاء»    محافظ الخرج يستقبل الرشيدي    اليوم السلام ضرورة وليس خيارا    انطلاق المنتدى الأول لجمعيات محافظات وقرى مكة المكرمة .. بعد غداً    بميدان الجنادرية التاريخي .. "غداً الاثنين" ينطلق مهرجان خادم الحرمين الشريفين 2025    مسؤول أمني مصري ل«عكاظ»: الأسيرة «يهود» تعمل بالموساد وتسليمها قبل «السبت»    وزير الصناعة يفتتح المؤتمر الدولي ال 12 لتطبيقات الإشعاع والنظائر المشعة    مع انتهاء مهلة ال 60 يوماً.. التوتر يعود إلى جنوب لبنان    ولي العهد ورئيسة وزراء إيطاليا يوقعان اتفاقية إنشاء مجلس الشراكة الاستراتيجية بين البلدين    خادم الحرمين يهنئ الحاكم العام لكومنولث أستراليا بذكرى يوم أستراليا    مستشفى دله النخيل بالرياض يفوز بجائزة أفضل خدمات طوارئ في المملكة 2024    عروض رمضان الحصرية بضمان 7 سنوات من هونشي السعودية    جامعة الدول العربية تدين استهداف المستشفى السعودي بمدينة الفاشر    «النساء» يتجاوزن الرجال في استثمارات الصناعات التحويلية    النصر في «صدارة» الدوري الممتاز للسيدات    17 % نمو توظيف السعوديين في القطاع الخاص عبر صندوق الموارد البشرية    ضبط 4 وافدين نازحين لقطعهم مسيجات ودخول محمية دون ترخيص    متحدثو مؤتمر حفر الباطن الدولي للصحة الريفية يطرحون تجاربهم خلال نسخة هذا العام    «الموارد»: 9,000 ريال حد أدنى لمهنة طب الأسنان    نائب أمير الشرقية يستقبل رئيس جامعة حفر الباطن ويتسلم التقرير السنوي    ضيوف الملك.. خطوات روحية نحو السماء    المرور : استخدام "الجوال" يتصدّر مسببات الحوادث المرورية في القريات    تجمع الرياض الصحي الأول: نحو رعاية وأثر في ملتقى نموذج الرعاية الصحية 2025    مؤتمر آسيان الثالث "خير أمة" يختتم أعماله    استشهاد فلسطيني في مدينة جنين    الدولة المدنية قبيلة واحدة    جامعة طيبة تُعلن بدء التقديم على وظائف برنامج الزمالة ما بعد الدكتوراه    وفد من مؤسسي اللجنة الوطنية لشباب الأعمال السابقين يزور البكيرية    رئيس ديوان المظالم يطلع على سير العمل بمحكمة الاستئناف والمحاكم الادارية بالشرقية    الديوان الملكي: وفاة والدة صاحب السمو الأمير فهد بن سعود بن محمد بن عبدالعزيز آل سعود بن فيصل آل سعود    لماذا تجاهلت الأوسكار أنجلينا وسيلينا من ترشيحات 2025 ؟    آل الشيخ من تايلند يدعو العلماء إلى مواجهة الانحراف الفكري والعقدي    رئيسة وزراء إيطاليا تصل إلى جدة    10 سنوات من المجد والإنجازات    رئاسة الحرمين.. إطلاق هوية جديدة تواكب رؤية 2030    تدشن بوابة طلبات سفر الإفطار الرمضانية داخل المسجد الحرام    هاتريك مبابي يقود ريال مدريد للفوز على بلد الوليد    أدب المهجر    دراسة: تناول الكثير من اللحوم الحمراء قد يسبب الخرف وتدهور الصحة العقلية    ترحيل 10948 مخالفا للأنظمة خلال أسبوع    هيئة الهلال الأحمر السعودي بمنطقة الباحة جاهزيتها لمواجهة الحالة المطرية    لماذا تمديد خدماتهم ؟!    تمكين المرأة: بين استثمار الأنوثة والمهنية ذات المحتوى    المالكي يهنئ أمير منطقة الباحة بالتمديد له أميرًا للمنطقة    «ليلة صادق الشاعر» تجمع عمالقة الفن في «موسم الرياض»    تحديد موقف ميتروفيتش وسافيتش من لقاء القادسية    إنجازات تكنولوجية.. استعادة النطق والبصر    الهروب إلى الأمام والرفاهية العقلية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يا وطني.. في حنجرتي يفيض الكلام وتتطرز المفردة!
نشر في الجزيرة يوم 07 - 06 - 2012

يا وطني.. يا متوهجا مثل رعشات الفجر، يا متوغلا بالبياض، هذه المرة سأمنحك زهرة قرنفل، وكلاما جميلا مباحا، أعرف أن في قلبك متسعا للبهجة وللقبول والإنصات، يا وطني كلما طوقني الصخب والملل يثور في دمي الحراك فأعود إليك كفراشة تتغذى على رحيق البنفسج والياسمين، البارحة يا وطني رميت بعض الحصى في نافورة بيتي الصغيرة فأنداح بعض الماء، أوقدت شمعة، وابتهجت كثيرا بك وبالكلام البديع الذي أرسلته لك يوما ما وزينته بالحسان من المفردات والنشيد الفريد، كيف كنت يا وطني وكيف صرت، وكيف مر عليك الدهر وقد مر ثقيلا، سأفتح حنجرتي لك هذه المرة، سأحاول أن أصرخ، حتى تنسكب الشمس من نافذتك، سأجيئك بالكتابة والشعر والاشتعال والغيوم الماطرة والورد والحمام واليمام، سأركض إليك كالغزال في البراري، أبحث معك عن عشبه خلود، سأظفر جدائلك، وأجمع لك ضياء القمر، حتما سأوقد لك سراجا للفرح، وقنديلا للبهجة، وأتسامر معك بدون إحباط ولا قهر ولا يأس ولا اهتزاز، يا وطني في حنجرتي يفيض الكلام، وفي أصابعي تتجمل المفردة، ويرتوي القول، ويمتلئ الإناء بالرطب الجني، سأهش على فراشة قلبك الحالم لنتسابق معا نحو الشمس بين حقولك اليانعة، سأذهب معك حتى نهاية المطافات، يدنا اليمنى على أول الحلم ويدنا اليسرى على آخره، نرسم معا الأمنيات الكبار، نصبغها بالألوان اليانعة، نزهو بها، ونرمي عليها الآتي بالقادمات العذاب، نقطف وردة ونمنحها لكل أحد يجيء يبحث عن الغد الرفيف المتمادي بالبياض وبالطهر وبالنقاء، يا وطني لست متشائما وليس بي طيرة، لكن بي بعض خوف جليل من أصحاب مشاريع التأزيم الذين يبيعون الناس الوهم والطيرة ويوهمونهم البهتان والخريف، أن بعض هؤلاء الأشخاص يا وطني يمارسون في الخفاء وفي العلن أبشع أنواع التعذيب المعنوي (لتطفيش) الناس من مداعبة الأمل والتطلع ليرمونهم بعدها على الأرصفة في الشوارع الخلفية، إنهم يمارسون على الناس أبشع أنواع الترجيف والتخويف والبلبلة ويزرعون في أرواحهم التقهقر والنكوص بثقل تام، إنني أعي جيدا ما أقوله، وأدرك يقينا ما أكتبه، بأن هؤلاء البعض من الناس لهم دور كبير ومتميز في محاولة إسقاط الروح الوطنية وذبحها ووأدها ورميها في الأودية السحيقة، أو الكهوف الخربة العتيقة، إن هؤلاء البعض من الناس يضعون المجتمع في حيز البلبلة والقلق والتوتر والمزايدات الفجة وليس في حيز البهجة والفرح والتطلع والآمال العراض، هؤلاء البعضن الناس تخصصوا في تأزيم الأجواء الوطنية، وإشغال البلاد، وإلهاء العباد بقضايا جانبية وجزئيات جامدة وصغيرة بل قد تكون أقرب للعدمية والوجود والتفاهة، إلا ما رسمه خيالهم لهم في عقولهم ورصعه في وجدانهم وأصر عليهم واستكبر بعبثية تامة ومقدرة عجيبة، لقد تحدث هؤلاء كثيرا، وتمنطقوا كثيرا، وصدحوا خارج السرب كثيرا، وتباكوا كثيرا، وتحدثوا كثيرا، بفضاضة وجلافة مأزومة عن أوضاعنا وأحوالنا ومتطلباتنا وحاجياتنا ومرادنا وآمالنا وطموحاتنا، وما رسوا علينا كلاما هلاميا، وحديثا بهلوانيا، وقصصا سيركية، وحكايا خيالية، وصبوا فوق رؤوسنا الحمم، وطيرونا وأصابونا بالشؤم والصداع والوجع والألم والبشاعة ووضعوا تحت وسائدنا دبابيس وإبرا ومسامير، وأخافونا بالبعبع حين العتمة، وباالسعلوة التي ستجيئنا.
إن هذا التأزيم الكلامي والهرطقة الفكرية ومشاريع العبث الذي يقومون به هؤلاء البعض من الناس بإدراك أو من غير إدراك يحز في النفس، ويدمي القلب، ويسلب من العين النعاس، لقد اقترنت مشاريعهم برغبات وأهداف وتطلعات غير واضحة وبها غبش، وتنطوي على العديد من الإشكاليات المتباينة، وربما بالسذاجة والخديعة، ومحاولة كسب التصفيق والمدح والإشادة والقاعدة والجمهور ليس إلا، إنهم يطرحون مشاريعهم الفوضوية والعبثية للداخل والخارج على إننا أمة متخلفة متوارية ومهمشة ولا تملك فعل الشيء، وإننا في حالة إعاقة وتشرذم وبلا حضور وإننا عزلاء وغير متصالحين مع ذاتنا ومع المحيط بنا ومع العالم ولدينا جوانب عدوانية شرسة ونريد من يقومنا ويصلح شأننا ويهدينا الصراط المستقيم حتى لا نكون من الضالين، إن شيوع التأزيم في مشاريع هؤلاء الفردية والجماعية والفئوية لها صفات المراوغات ودراما التحرك الباهت والمنعطفات والمنحنيات المختلفة، بعيدا عن الحنكة والعقل والواقعية والمنطق والقيم المثلى، لقد حاولوا أن ينتصروا لأهدافهم ومبتغاهم ومرادهم، دون الأمة والوطن والمستقبل والحد والتربة والأرض، ودون أن يدركوا بأنهم قد تحولوا إلى مجرد نزاع غريزي على المنافع والفوائد والشهرة والمصلحة لا غير، ومن هنا بانت شخصياتهم وانكشفت مفاهيمهم وأهدافهم، واتضحت ثقافة الخديعة وأفعال العبث التي يحاولون فرضها والوصول إليها بغبش فكري وقصر نظر وعدم فهم طبيعة الأحداث الدراماتيكية التي يمر بها العالم بأسرة، لكن الحقيقة سوف تنتصر لأن الحقيقة دائما تصارع عكسها وتصرعها بقوة عجيبة دون أن تخوض في الأوحال والمستنقعات، أن على أصحاب المشاريع المأزومة أن يكونوا أكثر عقلانية لأنها ستكون مجدية لهم ونافعة ومفيدة، وعليهم فهم الحقيقة والتاريخ والأفكار، بعيدا عن العبثية ومحاولة التفرد والإقصاء والتهميش وظن السوء وأضغاث الأحلام والتفزيع والتزمير وقلب المعادلات والمفاهيم والحقائق.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.