جيل الرواد لا يُعوَّض؛ ذلك أنهم بشمولية علمهم وعصاميتهم في حياتهم وما كابدوه في مسيرتهم العملية، فضلاً عن ثراء عطائهم، يصعب أن يأتي بديل عنهم. من هؤلاء الرواد الذين افتقدهم وطننا في الأيام الماضية الشيخ الأديب عبدالمحسن بن محمد التويجري تغمده الله بواسع رحمته. هذا الراحل أنموذج في العصامية والعطاء والجرأة بقول الحق وطرح الأفكار الاجتماعية التي أسهم من خلالها في خدمة وطنه من خلال ما كان يكتبه (من أعماقه) - كما هو اسم زاويته - في بداية صدور الصحافة السعودية، وفي منطقة نجد تحديداً، التي واكب صدورها بواكير التنمية في بلادنا. الشيخ عبدالمحسن - رحمه الله - تعرفت عليه أول ما تعرفت بمنزل الشيخ عثمان الصالح - عليهما جميعاً رحمة الله وجمعهما في جنته - ثم بدأ تواصلي معه من خلال قراءتي لطروحاته وأنا في بداية كتاباتي الصحفية، ثم حظيت منه بالتشجيع وتثمين مشاركاتي المتواضعة، فكان كلما التقيت به - رحمه الله - يحفزني على الكتابة والمشاركة سواء عبر الحرف أو التلفاز. الشيخ التويجري عُرف بتفانيه وحرصه على كل عمل تقلده، سواء كان تربوياً أو إدارياً أو دعوياً، وقد بدأ حياته بأشرف مهنة، وهي العمل التربوي، وختمها بأقدس عمل وهو الدعوة إلى الله من خلال عمله بوزارة الشؤون الإسلامية ومن خلال تطوعه بالدعوة إلى الله وبلورة تعاليم وسماحة الإسلام عبر دروسه المسجدية رحمه الله. كان رحمه الله دمث الأخلاق، لطيف المجلس، صادق الحديث، روى لي زميله أ. حمد الدعيج، وكيل وزارة الزراعة السابق عضو مجلس الشورى الحالي، أن الفقيد كان في غاية الجد في عمله، وفي منتهى الإخلاص فيما يوكل إليه، فضلاً عن لطفه، وجميل مسامراته في الأسفار. كم أتمنى - أخيراً - من أبنائه البررة مع أختهم الفاضلة أن يتصدوا لكتابات والدهم التي لم تُنشر، وينهضوا بجمعها وطبعها في كتاب أو كتب؛ لتُبقي ذكره العاطر، ولتستفيد الأجيال الحالية والقادمة من أفكار هذا القلم الذي كان حرفه يفيض صدقاً كما يرتفع صوته صراحة ونصحاً. رحم الله الشيخ الأديب الداعية عبدالمحسن بن محمد التويجري، وجمعنا به في جنات ونهر، في مقعد صدق عند مليك مقتدر. [email protected] فاكس: 4565576 ---- تويتر @halkadi