الشيء الطبيعي أنّ الإنسان يخاف تلبُّس الجن له، وما يحدثه له من شرور وأضرار، فهو يحصّن نفسه ويستعيذ بالله من شروره ليلاً ونهاراً، لا أن يطارده ويبحث عنه في مَوَاطنه، هذا أمرٌ يحتاج إلى تجمُّع المتخصصين وتكاتفهم لدراسة هذه الحالة، وتقديم نتائج علمية، لم يأت بها الأوّلون. فإذا كان شباب وصلوا إلى هذه المرحلة من الإقدام والشجاعة المنقطعة النظير، فلماذا لا يقتحمون سوق العمل الحر، ويعفون كثيراً من الوافدين من تعب عدّ الملايين، وتصديرها - وهي أقل مخاطرة من مطاردة الجن ومواجهته - حتى نقف لهم تقديراً واحتراماً. وإذا كانت هذه الدعوة جاءت عبر أجهزة التواصل، وتناقلها كثير من الشباب دون سابق معرفة وحققت هدفها، فلماذا لا يكون هناك دعوة خيّرة لمشاركة نافعة، ومساندة الشباب بعضهم البعض، للانخراط في الأعمال والمناشط التي تتطلّبها مقتضيات الحياة، وتساهم في بناء الشباب، واعتمادهم على أنفسهم وقضاء وقت فراغهم بما يفيدهم ويغنيهم، ولكسر الحواجز التي تعيق البعض منهم، وإزالتها وإزالة من تسبب فيها متى وجدت. اعتقد أنه جاء الوقت المناسب للجهات المعنيّة التي تهتم بالشباب مباشرة، كالرئاسة العامة لرعاية الشباب وغيرها، أو التي تقدم أعمالاً مساندة، أن تخرج من العمل التقليدي والروتيني لتقدم خدماتها بما يتطلّبه العصر، وتضع ضمن خططها وبرامجها، الوسائل التي تجعلها على اطلاع تام بما يحتاجه المجتمع المستهدف والمستفيد من خدماتها، فلم يَعُد ذلك صعباً وغير يسير كما كان في السابق، بل أصبح التواصل بين الجهة والمستفيد من خدماتها والتي أنشئت من أجله، في غاية السهولة لتوفُّر وسائل الاتصال المجانية في غالبيتها، مما يعفي أي جهة تهتم بالتواصل مع الشباب من أي أعباء مالية. يجعلها أكثر اهتماماً وحرصاً بما لدى الشباب من أفكار ورؤى، لتنقلها من العشوائية والفوضى إلى ميدان التحليل والدراسة والعمل المؤسّسي، لتصبح أفكارهم وما يواجهونه من مشكلات تحت الاهتمام والنظر، وليكون للشباب مظلة يجتمعون تحتها وتحتوي أفكارهم، وتساهم في مساعدة من يطرح أفكاراً بنّاءه، لتأخذ بيده وتضع ما قدمه على أرض الواقع، فينشغل فيها، ويبدع في تنفيذها، ليستفيد ويُفيد، ويساهم في بناء وطنه ومجتمعه بما يتوافق مع خطط التنمية وأهدافها، فالعمل والنجاح من مصادر ارتفاع الولاء والمحافظة على مكتسبات الوطن. والله ولي التوفيق. [email protected]