لعل كل كلمات التحية في (العنوان أعلاه) تنتمي لثقافة مختلفة، ولغة مغايرة، ولكن يتم تداولها بيننا اليوم مع قائمة طويلة على وزن: وآخا.. وكيفكن.. وشتكون.. وبعرفش إلى آخره من قائمة تنضم تحت (لواء واحد) وهو التطور والتقدم بالانسلاخ من لغتنا العربية..!. فقول البعض عندما يتحدث معك: (يس مان) أو (أوكيه) أو(دن) للأسف هناك من يراه دليلاً على مدى (عمق التفكير) والتحضر والمكانة الاجتماعية المرموقة..!. ولكن الحقيقة المزعجة هي غير ذلك تماماً، صدقني إن كنت كذلك فإنك ستظهر أمام الجميع (كاللوحة المعلقة) في واجهة محل والمليئة (بالأخطاء الإملائية)، رغم أن هذا المحل جميل وفيه (منتجات فاخرة وثمينة)، ولكن الخطأ الإملائي الذي في الواجهة أعطى انطباعاً خاطئاً عن المحتوى..!. أحد (المطاعم الشهيرة) بالرياض درب عماله على إتقان (اللهجة السعودية) حتى أن أحدهم يقف أمام الباب وبيده (دلة قهوة) وهو يقول للزبائن القادمين: (أرحبوا.. حياكم الله.. من ممشاكم إلى ملفاكم.. يالله حيه أقلط) ويقدم (فنجال القهوة) للزبون، ولكن للأسف نأتي لنقول له (كيف حالك صديق) ما شاء الله يعرف عربي تمام..؟! أنت فيه روح أول بر (دزرت) عشان معلوم كذا؟! أما الكثير من الأجانب والأوروبيين خصوصاً فيتسمرون أمامه وهم يضحكون ويلتقطون (الصور التذكارية) معه لأنه يترجم لهم باللغة الإنجليزية عبارات الترحيب السعودية المحلية التي يرددها..!. نحن في الخليج العربي وفي السعودية تحديداً يبدو أننا خلقنا (لغة رديفة) وخاصة للتعامل مع العمالة الوافدة لدينا (بالعربي المكسر) الذي ارتضيناه لغة تخاطب بديلة معهم..!. بالأمس دار أمامي حوار بين اثنين من المقيمين الذكور في أحد (محلات الكرواسون والحلويات) الشهيرة بالرياض، والذي لا يقبل الطلبات إلا بالحجز المسبق وأنا جالس بين مجموعة من السائقين والزبائن أنتظر أن يجهز (فطور المدام وبناتها)..؟!. فجأة البائع في المحل يسأل السائق الجالس بجواري وبيده فاتورة: صديق أنت (مي)..؟!. فأجابه على الفور: لا لا أنا (مدام سارة)!! فقال أوكيه (مدام سارة) ما فيه خلاص، لسا جوا فرن..!! واتجه بنظره صوبي.. فقلت له أفا حدك.. انتبه (هذي فيها قبايل) يا صديق!!. إنه نتاج خجلنا من استخدام (لغتنا العربية) مع المقيمين (غير العرب)، والمشكلة أن لغتنا العربية هي هويتنا الحقيقة، وهي ثقافتنا، وهي لغة القرآن الكريم والخجل من استخدامها والاعتزاز بها والحفاظ عليها، يعتبر (أزمة) ستمتد على مختلف مناحي حياتنا وسلوكنا وتفكيرنا..!. لاحظ حولك كم عدد الأشخاص الذين يتكلمون لغة مكسرة خليط وغريبة صنعتها (ثقافة أخرى) لا يتنازل أصحابها عن قيمها، بينما نحن نتلقفها ونرددها بكل تفنن..!. سفا خويا؟!. وعلى دروب الخير نلتقي.