اكتسب اللقاء التشاوري الرابع عشر لقادة دول «مجلس التعاون لدول الخليج العربية»، الذي عقد في الرياض مؤخرا أهميّته من الظروف الإقليمية المتغيّرة التي التأم في ظلها، وطبيعة القضايا والملفات التي ناقشها، والدور المحوري الكبير الذي يلعبه «مجلس التعاون الخليجي» في أحداث منطقة الشرق الأوسط، وزاد من أهميّة هذا اللقاء التوجّهات الحكيمة والرصينة التي خرجت عنه وعبّرت عن رؤية خليجية واعية وواضحة في التعاطي مع القضايا والملفات الخليجية والعربية والإقليمية. يمثّل «مجلس التعاون» قوة استقرار وتنمية للمواقف المتزنة، في الإطارين العربي والإقليمي، وهذا ما أكده خلال تعامله مع التطوّرات التي تشهدها المنطقة العربية منذ نهاية عام 2010 وما أنتجته هذه التطوّرات من أزمات ومشكلات في مناطق مختلفة من العالم العربي، ولذلك تحظى اجتماعاته، سواء على مستوى القمّة أو المستوى الوزاري، باهتمام كبير على الصعيد الدولي، وكان هذا ظاهراً بوضوح في اللقاء التشاوري الأخير. إن تكليف اللقاء التشاوري للمجلس الوزاري الخليجي استكمال دراسة ما ورد في تقرير الهيئة المتخصّصة حول المقترحات الخاصة بالانتقال من مرحلة «التعاون» إلى مرحلة «الاتحاد»، يؤكد أن قادة المجلس حريصون على أن تستند أي خطوة إلى الأمام في مسيرة العمل الخليجي المشترك إلى أسس قوية من الدراسة والبحث ومن ثم تحقق الأهداف المرجوة منها ضمن إطار عام من الإيمان المشترك من قِبل الجميع بأن تقوية «مجلس التعاون» وتعزيز التنسيق بين دوله وتحديث آليات العمل داخله وتطويرها، تمثّل هدفاً أساسياً لكل دولة. لقد استطاع «مجلس التعاون» أن يصمد في وجه العقبات والعواصف التي اعترضت طريقه منذ تأسيسه عام 1981م على مدى السنوات الماضية، وأن يمضي إلى الأمام في مسار التضامن والتعاون، ويصبح إطاراً فاعلاً للأمن الجماعي الخليجي بمفهومه الشامل، ويمثّل التعامل مع مقترح الانتقال من مرحلة «التعاون» إلى «الاتحاد» منذ أن طرحه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، في القمّة الخليجية التي استضافتها الرياض في ديسمبر من العام الماضي، استمراراً وامتداداً لهذا النهج الرصين الذي استطاع المجلس في ظلّه أن يصل إلى ما وصل إليه من تطوّر ورسوخ مما يعود بالنفع على شعوب دول الخليج، ونحن نطمع بالمزيد. والله الموفق،،