يبدو أن الجدل الدائر حول (حقوق المرأة) لم ينته ولن ينتهي، طالما هناك من الآراء ما بين متطرف وطريف من جهة، وفي المقابل يُحار الرأي المتوازن ويتساءل عن أي حقوق يتحدثون والدين الإسلامي كأسمى رسالة سماوية لم يدع شاردة ولا واردة في حق وقيمة المرأة بل لكينونة الإنسان في أي زمان ومكان وتحت أي ظرف كان بما لا يدع مجالاً للتأويل أو التهويل. فإذا كان حق التعلم للأنثى مكفولاً والعمل الذي يصون عفاف المرأة متاحاً وإدارتها لأعمالها التجارية والمالية لا تشوبها شائبة، وحقوق الملكية والمواريث منها وإليها مضمونة كاملة غير منقوصة، أما من ذهب إلى لزوم إعادة النظر في الأنصبة والحصص فيما يخص الإرث الأنثوي بغير ما شُرع فليستغفر الله ويثوب إلى رشده. أما السواقة من المرأة فحالها حال من يروي الشجر تحت المطر..! فأين ستذهب الأنثى بسيارتها في معترك (الراليات) على الطرقات، وأنى لها أن تحتفظ باتزانها ومثاليتها على طرقات تموج بسائقي المخالفات والتجاوزات. وللمفتونين بحياة المجتمعات التي نادت وعملت مبكراً على تكريس الاختلاط في مراحل التعليم وفي مواقع العمل نحيل التقارير التي صدرت بهذا الصدد ومن ذوي الشأن أنفسهم إذ تشير في مجملها إلى ضرورة الفصل بين التلاميذ والتلميذات في كل المراحل الدراسية، عطفاً على نتائج محبطة أدائياً وسلوكياً، ومن هذه التقارير ما صدر في العام 1973م عن دراسة أعدتها (اليزابيث تيديال) في الثمانينات الميلادية وخلصت إلى ضرورة الفصل بين الذكور والإناث في مقاعد الدراسة، وأن لا ثمة تطور تعليمي يرجى في ظل تعليم مختلط. وفي ذات السياق ذكرت البروفيسور (ليزا ويندل) من جامعة (كنساس) بالولايات المتحدةالأمريكية في أكثر من خمسين بحثاً علمياً موثقاً ومنها بحث في قضايا الجامعات النسائية، ومن خلال دراسات ميدانية خرجت بنتائج تفيد بتنامي درجات التفوق لدى المؤسسات التعليمية غير المختلطة بفارق قياسي عن غيرها من المدارس المختلطة. هناك أيضاً دراسة أعدتها بروفيسور (أميلي لنجدون) من جامعة (نوربرت) إذ قامت ببحث إحصائي كمّي مقارن بين التعليم المختلط والأحادي وأظهرت نتائج باهرة تحث على الفصل بين الجنسين في مراحل التعلم، وبما أن هذا هو واقع الحال في مجتمعات وصلت إلى أبعد مدى في الاختلاط ثم تنادت وبأصوات مفكريها ومثقفيها إلى التراجع عن ذلك. أما خروج المرأة للعمل فتحكمه عدة ضوابط لعل من أهمها مدى حاجة المجتمع للوظيفة التي تمارسها بما لا يخل بواجبها كزوجة وأم، ولعل القول الفصل في خروج المرأة للعمل هو الإيفاء بحق الطفل، تلك البذرة الآدمية والذي يحتاج منها الكثير بدءاً من المرحلة الجنينية حتى سن الشباب مروراً بالولادة والرضاع والحضانة وهي مهمة مقدسة وكرامة لا تعدوها كرامة؛ فالله المستعان.