جريمة اختطاف نائب القنصل السعودي عبد الله الخالدي، التي قام بها إرهابيو تنظيم القاعدة في اليمن قبل أيام، تضاف إلى السجل الإجرامي لهذا التنظيم الإرهابي في حق الإنسانية وليس المملكة فحسب، التي تعرضت لموجات إرهاب وأعمال عنف بداية من تفجيرات العليا عام 1998م ومرورًا بإعلان التنظيم عن نفسه في 1998م. وأنه يتوقع منه أعمالاً شيطانية أكثر من الاختطاف، فمن ولغ في دماء المسلمين وغير المسلمين من المعاهدين والمستأمنين، وفاخر بالقتل الذي يراه طريقًا لتغيير الواقع، وبارك التفجيرات التي حصدت الأبرياء، وأمعن في العبث بأمن الأوطان، وتسبب في تشويه العمل الإسلامي في العالم، فهل تتوقع أن يخضع للتعاليم الدينية أو يراعي القيم الإنسانية أو يهتم بشيم الشعوب المتحضرة أو يلتزم بالمعاهدات الدولية؟ هل تتوقع من تنظيم اختطف الإسلام بالدم أن يعدُّ الاختطاف خسة وعملاً جبانًا؟ مع ذلك أعتقد أن هذا التنظيم الذي شكل أحد أبرز الكوارث المعاصرة، التي حلّت بالأمة الإسلامية زيادة ً على وضعها الحضاري السلبي، كونه عبثًا بنصوص دينها وحرفها بما يوافق هواه الشيطاني، وفقهه الظلامي، وفكره القائم على التكفير لتبرير التفجير حتى لم يكد يسلم بلد عربي أو إسلامي من شروره، أن هذا التنظيم يؤكد يومًا بعد يوم نهايته الفعلية، رغم جرائمه الأخيرة وأفعاله الشريرة. فمع بشاعتها وإنكارها من كل أسوياء العالم وشرفائه إلا أن دلالتها الانحطاط في الفكر والتخبط بالفعل ومحاولة الإيهام بوجود التنظيم وتماسكه في المشهد العالمي، خاصة ً بعد موت زعيم التنظيم أسامة بن لادن، الذي لا يشكل مصدرًا ماليًا للتنظيم فحسب إنما عرابًا وزعيمًا روحيًا، ما يعني أن موته بتلك الطريقة التي ظهر بها كان ضربة قاصمة. وبسبب الانحطاط الفكري والتخبط الفعلي ولأجل الإيهام بالوجود وإدعاء التماسك صار التنظيم يلجأ إلى الأفعال ذات الوهج الإعلامي محاولاً من خلالها إثبات وجوده، وأنه قادر على المناورة مع خصومه، كون الاختطاف يؤدي عادةً إلى التفاوض وبهذا يسهل الابتزاز، ولأن المملكة هي التي نجحت في فضح أكاذيبه الدينية، وأسقطت شعاراته السياسية، ولاحقت عناصره الإرهابية حتى اجتثتها بمطارق الأجهزة الأمنية السعودية الباسلة، كان الاختطاف لأحد أبنائه الدبلوماسيين في بلد لم يُعدُّ آمنًا كاليمن، لكن حكومة المملكة كانت واعية لهذا التوجه الخبيث بأن قطعت الطريق على هذا التنظيم ب(رفض مبدأ التفاوض) أصلاً، مع سعيها الجاد في ذات الوقت إلى تخليص الخالدي من أسر هذا التنظيم الإرهابي، الذي أصبح في قائمة الجماعات والفرق التي أباحت دماء المسلمين وأسهمت في تفريق وحدتهم كالخوارج والقرامطة والحشاشين وغيرهم.