تحدثنا في المقالة السابقة عن الأضرار والمخاطر المستقبلية الناجمة عن احتكار شركة مايكروسوفت لأسواق البرامج التشغيلية والتطبيقات في البلدان العربية بلا منازع وقلنا ان استمرار هذا الاحتكار في هذا الاتجاه يمثل السير باتجاه كمين لخطر اقتصادي ومصيدة أمنية قادمة, وقد تم التطرق الى الخطر الاقتصادي بشيء من التفصيل في الأسبوع الماضي, أما اليوم فسيتم تركيز بعض الضوء على الخطر من وجود هذه البرامج في الأجهزة المرتبطة بالإنترنت في الدوائر والأجهزة العربية الحساسة كالدوائر ذات الصبغة الأمنية والعسكرية والسياسية. فإن السير وراء منتجات مايكروسوفت فقط كما بالنسبة للدول العربية التي لا يوجد لشركة مايكروسوفت بديلا سيجعل المستقبل العربي مرهون بتلك الشركة فقط إما السير في خطاها مرغما او التوقف عن التطور, والمقصود بالسير في خطاها مرغما أي ان تشتري الدول العربية والمستخدمين العرب عموماً هذا المنتج بالسعر الذي تريده مايكروسوفت وبالمحتويات التي تريدها ايضاً, وهذه المحتويات هي عبارة عن آلاف الملفات والشفرات التي وضعتها شركة مايكروسوفت ولا يعرف المستخدم عنها شيئا, وهذه الملفات ممكن أن تحتوي على ثغرات أمينة مقصودة أو غير مقصودة وممكن أن تحتوي على تروجان أو منافذ لا يعلمها إلا من صنعها وهنا تكمن المشكلة وهذا يقودنا الى الخطر القادم في الجانب السياسي والأمني. وإن وجود هذه البرامج التي تصنعها شركة مايكروسوفت في أجهزة الدوائر الحكومية والعسكرية يمثل خطورة مستقبلية كبيرة, فقد سمع اكثرنا قبل فترة عن بعض الأجيال الجديدة من معالجات انتل 3 Intel-III والتي تقوم بالاضافة الى عملها مع برنامج الويندوز بتزويد شركة مايكروسوفت الأمريكية بالمعلومات الدقيقة عن الأجهزة الحاسوبية التي تعمل فيها, وقد صرحت شركة مايكروسوفت ان الغرض من هذا الجيل من المعالجات كان بحجة إرسال المعلومات عبر الإنترنت لشركة مايكروسوفت واصدقائها عن البرامج الأصلية والمنسوخة في هذه الأجهزة , وقد لقي هذا التصريح معارضة كبيرة من المستخدمين ومن الدول الأخرى وذلك لأنه تجسس صريح على المعلومات الخاصة بالمستخدمين. وهذا هو ما حدا ببعض الدول كالصين مثلا للتصدي لقبضة التقنية الإسرائلية - الأمريكية بإيجاد بديل صيني وباللغة الصينية بالاضافة الى الدول الأخرى التي اوجدت الأنظمة المنافسة لشركة مايكروسوفت , ونقول انها تقنية أمريكية إسرائيلية لان بعض هذه المعالجات يصنع في إسرائيل, وما يدريك فقد يوضع في معالجات الجيل الرابع هذه الخاصية خاصية التجسس في الأجهزة المباعة للعرب ومن دون علم المتسخدمين, وطبعاً هذه الثغرات والمعالجات لا تعمل بمفردها بل بتوجيه وتحكم من برامج مايكروسوفت كبرنامج النوافذ والمتصفح وأوت لوك اكسبريس وغيرها. بالاضافة الى ما سبق فقد قرأ الكثير من المهتمين بهذا الجانب عن وجود المنافذ والثغرات الكثيرة والمريبة في نفس الوقت في تطبيقات شركة مايكروسوفت بما فيها النوافذ, وهذه الثغرات قد تكون وضعت بقصد أو بغير قصد ويتم اكتشافها احيانا من قبل الخبراء في هذا المجال بالصدفة او بالمحاولة والخطاء. وقد أكد بعض الخبراء انه بالامكان اختراق الاجهزة باستخدام مصدر source رسائل البريد الالكتروني المرسلة باستخدام برنامج مايكروسوفت اوت لوك اكسبرس من دون الحاجة لزرع ملفات في هذه الاجهزة Trojan وقد اعترفت الشركة بذلك وهي بصدد إصدار batch جديد لترقيع هذه المشكلة, وهذه المعلومات ترسل مختفية مع كل رسالة وفي مصدر الرسالة, طبعا لم يتم اكتشافها إلا من قبل بعض الخبراء القلائل ولا يستطيع المستخدم العادي التعرف عليها, والسؤال الذي يتبادر للذهن هو، هل هذه الثغرات وضعت عمدا ليتم استخدامها من قبل الشركة أم سهوا؟, الله أعلم. كما طرحت الشركة ترقيعاً آخر الأسبوع الماضي لسد بعض الثغرات الأمنية في برنامجها ميديا بلاير وهذه الثغرات الأمنية ماهي إلا غيض من فيض من الثغرات التي لم تكتشف بعد, هذا بالإضافة الى المقالات السابقة التي افردنا فيها ثلاث مقالات منفصلة حول انعدام الخصوصية في تطبيقات الشركة الأخرى كبرنامج محرر النصوص وأكسل والمتصفح والنوافذ وبينّا طبيعة المعلومات التي يتم نقلها الى الإنترنت من أجهزة المستخدمين من دون علمهم وكذلك تم توضيح كيفية تعديل معلومات ملفات النظام للحفاظ على خصوصية المستخدم. ويعتقد الكثير ان نوافذ شركة مايكروسوفت هي نوافذ نطل بها على العالم ولكن في الحقيقة قد تكون العكس اي أنها نوافذ تطل بها شركة مايكروسوفت على العالم! والحقيقة ان الاستمرار في استخدام منتجات شركة مايكروسوفت بدون بديل سيمثل كارثة تقنية قادمة للدول والشعوب العربية لا يمكن تداركها في ذلك الوقت وسيكون الوقت متأخرا جداً وايضاً سيكون مكلفا جداً وخاصة عندما يصل الأمر ان يكون جهاز الكمبيوتر موجودا في كل دائرة وفي كل بيت بل وفي كل غرفة. أفترض أنه في المستقبل ارتبطت جميع الدوائر العسكرية والدفاعية والأمنية في البلدان العربية بالإنترنت, افترض انه تم العلم ان جميع هذه الأجهزة التي تستخدم نوافذ وتطبيقات شركة مايكروسوفت مكشوفة لدى بعض الدول الأخرى كإسرائيل مثلاً ومعروفة محتوياتها وجميع العمليات التي تتم فيها فما هو ترى سيكون الحل البديل؟